عرب وعالم

خلفيات مُهمّة.. هذه دلالات حديث أميركا عن شروطٍ تخصّ “مساعدات إسرائيل”

بينما يكثر الحديث داخل دوائر أميركية مختلفة عن ضرورة فرض شروط على تقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل، يشكك عدد من الخبراء في إمكانية إقدام إدارة الرئيس جو بايدن على هذه الخطوة، رغم ضخامة أعداد الضحايا الفلسطينيين الناجمة عن استخدام الجيش الإسرائيلي أسلحة وذخائر أميركية في عدوانه المستمر منذ السابع من تشرين الأول على قطاع غزة.

وكان الرئيس بايدن قدّم طلبا في 20 تشرين الأول الماضي إلى الكونغرس للحصول على تمويل تكميلي للسنة المالية الحالية قيمته 106 مليارات دولار، يشمل دعم إسرائيل بـ14 ملياراً، وبرامج أخرى قيمتها 5.6 مليارات للدعم اللوجستي والبنية التحتية وغيرها من المساعدات لتسهيل حياة الفلسطينيين “النازحين من غزة إلى البلدان المجاورة”.

وإضافة لذلك، تتلقى إسرائيل سنوياً مساعدات عسكرية قيمتها 3.3 مليارات دولار، كما تلتزم واشنطن بإنفاق 500 مليون سنوياً على برامج الدفاع الصاروخي المشتركة، طبقاً لمذكرة تفاهم تغطي الفترة من 2018 حتى 2028.

وتعدّ إسرائيل استثناء في تخطيها للقواعد والقوانين الأميركية المنظمة لتقديم السلاح لحكومات أجنبية، خاصة ما يتعلق بسجل تلك الدول في احترام حقوق الإنسان، والالتزام بقواعد القانون الدولي والقوانين المنظمة للحروب.

“فكرة جديرة بالاهتمام”
أوضح البيت الأبيض هذا الأسبوع أنه لا يسعى إلى وضع شروط على المساعدات العسكرية لإسرائيل، رغم أن بايدن اقترح قبل أيام أنه يجب النظر في القيام بذلك.

وقال الرئيس للصحفيين إن الدعوات لوضع شروط محددة على المساعدات لإسرائيل “فكرة جديرة بالاهتمام”.

وفي رد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي عما إذا كان الرئيس يفكر في تعديل ومراجعة تقديم المساعدات وما يعنيه بـ “فكرة جديرة بالاهتمام” رد بالقول إنها “فكرة جديرة بالاهتمام، وإن النهج الذي اختار بايدن اتباعه حتى الآن قد أسفر عن نتائج إيجابية” في إشارة إلى هدنة توقف القتال التي امتدت 7 أيام.

واعتبر بعض المراقبين أن بايدن وكيربي قصداً توجيه رسالة غضب لإسرائيل كي تغير حدة هجماتها على قطاع غزة التي نتج عنها استشهاد ما لا يقل عن 15 ألف شخص، بينهم أكثر من 10 آلاف طفل وامرأة، ولا يزال نحو 7 آلاف شخص في عداد المفقودين، كما تجاوز عدد المصابين 36 ألفا.

وفي حديث عبر “الجزيرة نت”، قال جورجيو كافيرو، خبير الشؤون الأميركية ومدير مؤسسة دراسات دول الخليج: “بالنظر إلى طبيعة بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن وآخرين يخدمون هذه الإدارة، لا أتوقع أن يوافق البيت الأبيض على تغيير طبيعة المساعدات الأميركية لإسرائيل، فريق بايدن مليء بالصهاينة الذين يلتزمون أيديولوجيا بالعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل”.

وأضاف: “إنهم يريدون أن يروا واشنطن تقدم دائماً دعماً قوياً لتل أبيب، وكل شيء ممكن، لكنني أشك في أن واشنطن تحت حكم بايدن ستربط المساعدات لإسرائيل، خصوصاً خلال عام 2024 الانتخابي. لا يريد بايدن معركة مع جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل مثل “أيباك” بينما يسعى لتأمين فترة ولاية ثانية”.

حسابات الشيوخ والنواب
في الوقت ذاته، زادت مناقشات الديمقراطيين بالكونغرس لوضع شروط على المساعدات العسكرية لإسرائيل، ويربط البعض بين ما تظهره استطلاعات الرأي الجديدة، وهذه الخطوة النادرة في الكونغرس.

ويعتقد الشباب الأميركي، خاصة الليبراليين، أن بلادهم تفعل الكثير لأقرب حلفائها في الشرق الأوسط (إسرائيل) وتفعل القليل جدا للفلسطينيين.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيبياك في 16 تشرين الثاني أن 52% من الناخبين -الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً- قالوا إنهم يتعاطفون أكثر مع الفلسطينيين مقارنة بـ 29% مع إسرائيل.

وتغيرت النسبة بصورة كبيرة مقارنة بنتائج نفس الاستطلاع الذي أجري منتصف تشرين الأول الماضي حين تعاطف 41% من هؤلاء الناخبين مع الإسرائيليين، مقابل 26% مع الفلسطينيين.

وأعرب بايدن وأغلبية كبيرة من أعضاء الكونغرس حتى الآن عن دعمهم الكامل للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عقب عملية “طوفان الأقصى” وأن الهدنة -التي استمرت أسبوعا توقف خلالها القتال- منحت الفرصة لبعض الديمقراطيين للتعبير عن مخاوفهم بشأن كيفية شن إسرائيل لحربها.

وقال السيناتور كريس فان هولين: “نريد من الرئيس أن يحصل على تأكيدات صريحة من حكومة نتنياهو في ما يتعلق بخطة للحد من المستوى غير المقبول للخسائر في صفوف المدنيين، ونريد من ائتلاف نتنياهو أن يلتزم التعاون الكامل مع جهودنا لتقديم المساعدة الإنسانية للمدنيين في غزة”.

وفي حديث مع الجزيرة نت، قال تشارلز دان، المسؤول السابق بالبيت الأبيض ووزارة الخارجية والخبير حاليا بمعهد الشرق الأوسط والمعهد العربي بواشنطن، والمحاضر بجامعة جورج واشنطن، إن خطوة السيناتور فان حول دعم المشروطية فكرة “غير مسبوقة إلى حد كبير، خاصة في وقت الأزمات، ولا يؤثر ذلك على الشريحة السنوية من المساعدات لإسرائيل، لكنه سينطبق فقط على المساعدات التكميلية المقترحة البالغة 14 مليار دولار”.

وأضاف الخبير أنه حتى مفهوم المشروطية المطبق على المساعدات الإسرائيلية قد يفتح الباب أمام تفكير جديد بالكونغرس حول ما ترغب الولايات المتحدة في دعمه على المدى الطويل.

إلى ذلك، صرح السيناتور بيتر ويلش قائلاً: “أنا أؤيد تماماً حق إسرائيل في ملاحقة أولئك الذين أمروا، ونفذوا هجمات 7 تشرين الأول، ولكن يجب على إسرائيل ألا تفعل ذلك بطريقة تؤدي إلى خسائر فادحة في صفوف المدنيين وتدمير واسع النطاق للبنية التحتية المدنية في غزة”.

وفي حديث مع شبكة “سي إن إن”، قال ويلش: “لا أريد أن نمول قنابل أميركية وزنها يبلغ ألفي رطل يتسبب إلقاؤها على مخيمات اللاجئين بمقتل أعداد ضخمة من المدنيين الأبرياء”.
هذا النقاش المتزايد بمثابة دليل إضافي على أن دعم واشنطن لحرب إسرائيل يسبب انقساما بين ديمقراطيي الكونغرس.

ويطالب عدد متزايد من الديمقراطيين بالمجلس بأن تدفع الولايات المتحدة من أجل وقف إطلاق نار طويل الأجل. كذلك، فقد ارتفع تدريجيا عدد الديمقراطيين الذين يدعمون علنا وقف النار ببطء إلى 49 عضواً، في حين أظهرت استطلاعات رأي أن أغلبية الأميركيين يؤيدون وقف النار في غزة.

كذلك، بيّن استطلاع حديث أن أكثر من ثلثي الأميركيين يؤيدون وقف النار في الحرب الإسرائيلية على غزة، وفقا لاستطلاع أجرته رويترز بالشراكة مع مركز إبسوس للبحث، ونشرت نتائجه الأربعاء الماضي.

ويظهر الاستطلاع، الذي شارك فيه أكثر من ألف شخص، أن الدعم الأميركي لإسرائيل قد انخفض الشهر الماضي منذ بدء عملية “طوفان الأقصى”.

وانخفضت نسبة المستطلعين الذين قالوا إن “على الولايات المتحدة دعم إسرائيل” من 41% منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 32% هذا الأسبوع.

(الجزيرة نت)