خلال حربها ضد إسرائيل في غزة، برزت شواهد كثيرة تُظهر امتلاك حركة “حماس” في غزة مجموعة متنوعة من الأسلحة المحمولة المضادة، بما في ذلك الكورنيت، فضلاً عن صواريخ ساجر المقلدة وقذائف آر بي جي 7، والبنادق عديمة الارتداد إس بي جي 9، وقذائف ياسين محلية الصنع.
وأصدرت “حماس” دليلاً لتدمير الدبابات خلال حربها في غزة، والذي يقترح التغلب على نظام “تروفي” للدفاع النشط في الدبابات زذلط عبر إطلاق الصواريخ من مسافة قريبة قبل أن تتمكن أطقم الدبابات من الرد، من بين تكتيكات أخرى.
وفي السياق، يقول موقع “بيزنس إنسايدر” إنّ الإصدار الانتقائي للقطات من ساحة المعركة لا يفعل الكثير لتوضيح نتيجة الصراع بين الدبابات والأسلحة المضادة للدبابات.
وتُظهر مقاطع الفيديو الإسرائيلية نظام تروفي وهو يعترض بنجاح صواريخ مضادة للدبابات، بينما تُظهر مقاطع فيديو حماس انفجارات على الدبابات الإسرائيلية أو حولها، على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كانت تلك الانفجارات هي اعتراضات تروفي أو جراء تدمير المركبات الإسرائيلية.
حماس تُدخل أسلحة أكثر تطوراً في المعركة
ولجأت حركة حماس “إلى تكتيكات جديدة وأسلحة أكثر تطوراً بشكل متزايد منذ نهاية الهدنة” في 1 كانون الثاني، كما يؤكد معهد دراسة الحرب (ISW)، وهو مركز تحليل عسكري أميركي ينشر تحديثات يومية عن الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط.
ويقول إن مقاتلي حماس يستخدمون بشكل أكبر الذخائر المضادة للدبابات والطائرات بدون طيار المتفجرة، ويجمع خبراء حاورتهم “فرانس24” على أن الحركة قامت بتكييف أساليبها القتالية مع الوضع منذ بداية الصراع.
وتغيرت طبيعة القتال بين إسرائيل وحماس مع دخول الدبابات الإسرائيلية إلى جنوب قطاع غزة في 3 كانون الأول، حيث تحول أسلوب المقاومة الفلسطينية من طريقة الكر والفر وتجنب الاشتباكات الكبرى في الشمال، إلى أسلوب يقوم في الجنوب على العمل على منع التوغل الإسرائيلي.
قذيفة الياسين 105 فلسطينية الصنع/ القسام
“من المحتمل أن تستأنف حماس القتال بشكلها التنظيمي التقليدي الممثل في الكتائب والألوية لإحراز مقاومة أكثر شراسة”، كما يقول أهرون بريغمان، المتخصص في السياسة والصراع الإسرائيلي الفلسطيني في جامعة كينغز كوليدج في لندن.
بالنسبة للجيش الإسرائيلي، يشكل هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية تحديات إضافية، خاصة في ظل تعديل الحركة الفلسطينية لنهجها العسكري.
عبوات ناسفة خارقة والأغرب أسلحة أسرع من الصوت
ووفقاً لهذه المؤسسة، فإن حماس قد تستخدم عدداً أكبر من العبوات الناسفة الخارقة التي كانت شبه غائبة عن ساحة القتال في شمال قطاع غزة.
وليس للأنواع القديمة من المقذوفات وزن أمام نظام “تروفي” Trophy الدفاعي الإسرائيلي، الذي تم تطويره في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لحماية الدبابات من هذه الذخائر؛ من خلال اعتراض المقذوفات قبل أن تصل إلى أهدافها، كما يقول أومري برينر، المحلل والمتخصص في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط في الفريق الدولي لدراسة الأمن (ITSS) وهو مجموعة دولية من الخبراء في قضايا الأمن الدولي.
مع ذلك، يوضح برينر أنّ هذه الحماية “غير مثبتة في كل طرازات الدبابات”، أي أنها ليست موجودة في جميعها.
لكن العبوات الناسفة الخارقة الأكثر حداثة – مثل تلك التي يعتقد أن حماس استخدمتها في جنوب القطاع- يمكن “إطلاقها بسرعات تفوق سرعة الصوت، مما يجعلها قادرة على اختراق الدروع دون أن تعترضها أنظمة تروفي أو أي أنظمة مماثلة”، كما نقل تقرير لموقع “France24″، عن الخبير ألكسندر فوترافرز.
ولا تزال هناك أسئلة حول كيفية حصول حماس على مثل هذه الأسلحة المتقدمة المصممة لاختراق الأنظمة الإسرائيلية. وبحسب معهد دراسة الحرب، فإن أغلب العبوات الناسفة التي تستخدمها حماس يتم تصنيعها في قطاع غزة.
تكثيف لاستخدام الطائرات المسيرة
وقال معهد دراسة الحرب (ISW) إن حماس تزيد من استخدامها للطائرات بدون طيار المحملة بالمتفجرات الانتحارية. ولذلك، هناك احتمال أن تزيد هجماتها الجوية على إسرائيل.
ويمثل هذا تقدماً تقنياً آخر في القدرة العسكرية للحركة، وقالت فيرونيكا بونيشكوفا، المتخصصة في الجوانب العسكرية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني في جامعة بورتسموث بالمملكة المتحدة: “في المستقبل، يمكن لحماس أن تستخدم استراتيجية مماثلة لتلك التي استخدمتها إسرائيل في غاراتها الجوية على شمال وجنوب غزة، عبر نشر طائرات بدون طيار انتحارية لضرب القوات الإسرائيلية قبل المواجهة المباشرة”.
كذلك، تستخدم حماس أيضاً الرصاص الخارق للدروع بشكل متزايد. وفي السياق ذاته، لاحظ موقع “ISW” أيضاً أن عمليات حماس في الشمال تهدف إلى إبطاء التقدم الإسرائيلي “لإتاحة الوقت للحركة لنقل قادتها وعتادها العسكري من شمال قطاع غزة إلى الجزء الجنوبي من القطاع”.
وفي الجنوب، تبدو حماس أكثر جرأة في العمل. لأنه، وفقاً لأومري برينر، الباحث في الفريق الدولي للدراسات الأمنية (ITSS) في فيرونا، هناك العديد من ترسانات أسلحة الحركة في الجنوب الذي يعد معقلها الأهم في القطاع.
وقال الخبير الأمني في الشرق الأوسط في كينجز كوليدج لندن، أهرون بريجمان، إن حماس تحاول تجنب قتال كبير على الجانب الشمالي من غزة.
أما بالنسبة للجنوب، فمن المعتقد أن حماس تقاوم بقوة أكبر. ويميل الدعم في الجنوب إلى أن يكون أقوى من الدعم الذي تحظى به حماس في الشمال. عدا عن ذلك، فإن معرفة إسرائيل بجنوب غزة أقل من معرفتها بشمال غزة.
كذلك، فإن الضغط الدولي من شأنه أن يجعل إسرائيل أقل مرونة في الشمال. وفعلياً، فإنّ صغر المساحة وزيادة عدد السكان جراء تدفق اللاجئين يعني زيادة فرص سقوط ضحايا من المدنيين.
وقد تكون الأسلحة الجديدة والتكتيكات الأكثر تطوراً، مع شبكة الأنفاق (التي يعتقد أنها أكثر تعقيداً في جنوب قطاع غزة) مسؤولة عن الخسائر الكبيرة المحتملة في المدرعات الإسرائيلية ومنها الميركافا.
كذلك، قد تُصبح الدبابات على موعد مع محنة جديدة في حرب غزة، ولكن قد لا نتبين حجمها إلا بعد سنوات عندما يرفع الحظر عن الأرشيف العسكري الإسرائيلي.
(عربي بوست)