

إنطلاقاً من التقارير التي تحدّثت عن “تجاهل روسيا مصالح إيران في سوريا” لصالح تقرّبها من إسرائيل بعد دعوتها إلى انسحاب القوات الأجنبية من البلاد، دعا المحلل المتخصص بالشؤون الإيرانية حمدي رضا عزيزي إلى “إلقاء نظرة عن كثب على مصالح طهران في سوريا” لتحري دقة هذه المزاعم.
وفي تقريره، ميّز المحلل بين مجموعتيْن من الأهداف “القصوى” و”الدنيا” أو “الأساسية” التي رسمتها إيران ضمن إطار استراتيجيتها في سوريا. وأوضح المحلل أنّ تمتّع طهران بوجود عسكري ثابت ودائم في سوريا يخدم مصالحها الإقليمية طويلة المدى نظراً إلى أنّه يزوّدها بقوة ردع قابلة للاستمرار في وجه إسرائيل، مستدركاً بأنّ فرص طهران، إذا ما أرادت تحقيق هدفها الأقصى هذا، ضئيلة، بعدما زادت روسيا مراعاتها لمصالح إسرائيل الأمنية في سوريا.
وفي ما يتعلّق بأهداف إيران الأساسية، رأى المحلل أنّها تشمل التالي: إبقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم، (لفترة هادفة على الأقل تتيح إجراء انتخابات على مستوى البلاد بعد انتهاء الحرب)، ومنع تقسيم سوريا، ومنع خصوم إيران الإقليميين وعلى رأسهم السعودية من السيطرة على بنية سوريا السياسية، وهزيمة المجموعات المتشددة داخل البلاد لمنعها من توسيع نطاق حكمها في المنطقة.
وعليه، قال المحلل: “وإذا كانت هذه مصالح إيران الأساسية في سوريا، يمكن القول إنّ خطوات روسيا الأخيرة في سوريا لا تمثّل تهديداً مباشراً لإيران بل يمكن أن يتبيّن أنّها مفيدة لطهران في نواحٍ مختلفة”.
وفي تبريره، تحدّث المحلل عن أنّ الأسد بات بموقع هو “الأقوى منذ سنوات”، مبيّناً أنّه من شأن نجاح روسيا في إجبار إسرائيل على وقف ضرباتها التي تستهدف المصالح الإيرانية سورياً عبر ضمان عدم تمتع إيران أو القوات الموالية لها بوجود جنوب البلاد، أن يريح الرئيس السوري وحلفائه.
توازياً، رأى المحلل أنّ سيطرة الجيش السوري على البلاد ستتسع وأنّ المخاوف من خطة أميركية محتملة لفصل شرق سوريا أو التمتع بوجود دائم فيها ستتبدّد، إذا ما صحت التقارير التي تحدّثت عن استعداد واشنطن تفكيك قاعدتها العسكرية في التنف شرقاً مقابل انسحاب إيران و”حزب الله” جنوباً. واعتبر المحلل أنه عبر القبول بتسليم السيطرة للجيش السوري في جنوب سوريا، تكون واشنطن وتل أبيب قد اعترفتا بشرعية الحكومة السورية، الواقع الذي يشكّل “انتصاراً باهراً للأسد وحلفائه”.
إلى ذلك، أوضح المحلل أن إيران قادرة على تحويل خطتها النهائية للانحساب إلى ورقة ضغط، لا سيما بعدما أعلنت استعدادها لمغادرة البلاد ما إن تتم هزيمة الإرهابيين، موضحاً أنّه يمكن لطهران بموجب هذه الورقة أن تجبر روسيا على ممارسة ضغوطات أكثر على تركيا والولايات المتحدة للقيام بالمثل، وذلك كشرط مسبق للعملية السياسية.
ونظراً إلى مشاركة إيران في محادثات أستانة، خلص المحلل إلى أنّ روسيا وإيران ما زالتا بعيدتيْن عن سلوك طريقيْن مختلفيْن كلياً في سوريا، على الرغم من الاختلافات الحقيقية في أهدافهما وأولوياتهما ومصالحهما بعيدة المدى.
(ترجمة “لبنان 24” – Al-Monitor)