عرب وعالم

تفاصيل مثيرة لقصة الجزائري المختطف.. مشارك مجهول و23 كلمة تحل لغراً عمره 28 سنة

لا تزال قصة الجزائري المختطف ببلدية القديد، غرب ولاية الجلفة (300 كلم جنوب الجزائر العاصمة) حديث الشارع، ورغم أن الغموض لا يزال يكتنف بعض تفاصيلها فإن خيوطها تنكشف يوما تلو الآخر.

الحادثة الأشبه بالخيال والقصص السينمائية طفت للسطح مجددا بعد قرابة 3 عقود إثر منشور صادم على فيسبوك كشف سرا عمره 28 عاما.

وقد وضع المنشور ضمن مجموعة مغلقة على فيسبوك تحمل اسم “#ناس_القديد” من طرف مشارك مجهول الهوية ومن دون صورة.

وقدم صاحب المنشور الذي وثق ما كتبه مرتين في نفس الوقت على نفس المجموعة بكلمات لم يتجاوز عددها 23 كلمة، تفاصيل عن هوية الضحية والخاطف، وكشف مكان تواجد المُختطَف في منطقة القديد بولاية الجلفة.

ومن هنا كانت الصدمة وانطلاقة التحريات وكشف خيوط القصة الغريبة، واستئناف البحث عن الضحية المفقود منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي وعمره وقتها لم يتجاوز الـ16 ربيعا، فتمت مداهمة منزل المشتبه به ثم العثور على المُختطَف.

فالمنشور أكد أن الشاب المختفي على قيد الحياة وبصحة جيدة، وأنه يعيش ببلديته ولم يخرج إلى بلدية أو ولاية أخرى، ويعيش قريبا من منزل أسرته، وأنه لا يخرج إلى الشارع، مضيفا أن من أخفاه هو شخص على عتبة 60 عاما، ويعمل موظفا ويعيش بمفرده في بيته.

وعلى إثر ذلك عثر على الشخص بعد مرور 28 عاما على اختفائه في ظروف غامضة داخل قبو مخصص للحيوانات تحت ملك جاره، أين تم احتجازه وإخفاؤه عن عائلته، بينما تدخلت قوات الأمن لاعتقال الجاني واستكمال التحقيق في هذه القضية.

وكان الجاني في حالة هدوء وبرودة أعصاب، لكن بمجرد أن اقترب أحد الباحثين من كومة التبن بدأت ملامح التوتر عليه، وحين كشف الغطاء ووجد الشاب بن عمران عميرة جالسا هادئا حينها حاول الفرار، غير أن أفراد العائلة انتشروا في كل مكان وكانت فرقة الدرك الوطني قد أجهزت عليه وتم توقيفه ونقل الضحية معه إلى مقر فرقة الدرك الوطني، وهناك تحولت كل البلدية إلى مقر الفرقة لتتأكد من صحة الواقعة والعثور على شخص بحثوا عنه في كل مكان إلا داخل بلديتهم.

200 متر فقط تفصل المختطف عن بيته
“العربية” تقربت من معارف الضحية، وأولهم جاره عبد الحميد الطويل الذي أكد أن 200 متر فقط كانت تفصل المختطف عن بيته الذي غاب عنه قسرا زهاء 28 عاما، مشيرا إلى أن والدته لطالما راودها شعور أنه قريب بيد أن الوالد تجاهل إحساسها.

كما روى الجار كيف زادت شكوك الوالدة التي توفيت حزنا دون أن ترى فلذة كبدها مجددا، بعدما سمم الجاني كلب الضحية الذي ظل يحوم لمدة شهرين حول بيته درءا للشكوك، وهو ما أكده أحمد بن عمران ابن عم الضحية في حديث مع “العربية”.

وذكر الجار أن الجاني موظف في البلدية وتاجر يتنقل بين الأسواق، وأنه كان دائم التواصل معه، ولم يكن يعرف أنه مجرم كبير، على حد وصفه.
واسترسل الجار يسرد تفاصيل القصة الغريبة قائلا، إن خلافاً وقع بين صاحب البيت وأخته حول الميراث، دفع الأخيرة إلى كشف خبر احتجاز جاره في البيت، فتمَّ اقتحام البيت ليل الاثنين الماضي ليُعثَر على المفقود وهو في حالة عجز عن الكلام.

ثم اعتقلت القوى الأمنية الفاعل، بينما نقل المحتجز إلى المستشفى، في حين صدمت الحادثة منذ صباح الثلاثاء الجزائريين لغرابتها، خاصة بعدما رافقتها عدة روايات، من بينها أن الرجل المحتجز ساحر، وأنه فعل فعلته ليستفيد من مزايا كف يد الضحية الزهرية.

كما أظهرت صور ومقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، لحظة استخراج الضحية من قبو تحت الأرض يشبه المغارة لا تتجاوز مساحته 40 مترا مربعا مع باب صغير، وسط تساؤلات بشأن سلامته العقلية بعد حبسه كل هذه السنوات.

“قوة قاهرة بداخلي تمنعني”
وبعد العثور على بن عمران عميرة الذي بات يبلغ اليوم 45 سنة، بدأ أقاربه وإخوته يحتضنونه ويبكون من شدة الفرح بدا عليه تلعثم في النطق ثم سرعان ما فكت عقدته وبدأ يسلم على من يعرفهم من الجيل المعاصر له ويناديهم بأسمائهم، وقال لهم إنني “كنت أراكم من وراء النافذة” داخل المنزل لكنني لا أقدر على أن أفتح الباب وأخرج إلى الخارج، وكأن قوة قاهرة بداخلي تمنعني وتمنع حتى مناداتكم، وأنه كان يرى والده من وراء النافذة متجها إلى المسجد ويعرف الكثير من الأخبار بما فيها وفاة والدته، لكنه مرصود من طرف الجاني، فكأنه آلة يتحكم فيها كما يشاء.

وقال الشاب بن عمران عميرة إنني طلبت منه أن يأتيني بمصحف كي أقرأ فيه ورفض الجاني ذلك، لأن البيت لا يوجد فيها أي مصحف، هذه أقوال قالها الضحية وهو في حالة نفسية صعبة لأنه لا يصدق أين هو وتم تحويله إلى الطبيب للكشف عنه والاطمئنان على صحته، وفي نفس الوقت تم نقله إلى مستشفى عاصمة الولاية في جناح خاص تحت الرعاية النفسية والصحية ولا يسمح بزيارته إلا لعائلته المقربة جدا.

في حين لا يزال التحقيق جاريا حول الأسباب الحقيقية التي سببت احتجازه، وحيثيات الجريمة، إذ لا تزال مصالح الدرك الوطني تحيط ببيت الفاعل، فيما توافد الكثير من سكان المنطقة والمناطق المجاورة، إلى البلدية من أجل الاطلاع والتأكد من الحادثة التي صدمت الرأي العام الجزائري.

العربية