نشر موقع “العربي الجديد” تقريراً تحت عنوان: “زيارة إسرائيلية إلى واشنطن تثير تساؤلات.. ما علاقتها بمحاولة اغتيال ترامب؟”، وجاء فيه:
التقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين الماضي، مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر يرافقه مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، في لقاء وضعته وزارة الخارجية بحسب الناطق باسمها ماثو ميلر في إطار التشاور حول قضايا حرب غزة، بدءاً من “سد الفجوات الباقية في مفاوضات وقف إطلاق النار”، إضافة إلى “ترتيبات اليوم التالي” للحرب، فضلاً عن المعالجات المطلوبة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وذكر ميلر أن التشاور شمل الوضع على الحدود مع لبنان، وأن الوزير بلينكن حرص على تذكير زائريه بما سبق له أن أوضحه “أن الإدارة الأميركية تواصل السعي للتوصل إلى حل دبلوماسي” هناك.
الزيارة بدت مثيرة للتساؤل، وخاصة أن المواضيع التي ذكرتها وزارة الخارجية لا جديد فيها يستدعي التشاور على هذا المستوى، إذ إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو متمسك أكثر من أي وقت مضى بمفاتيح إدارتها والتعامل معها، كما يجري عادة بحث مثل هذه المواضيع بوجود وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت المعنية بها وزارته قبل غيرها والذي زار واشنطن أكثر من مرة في الأشهر الأخيرة للتداول بشأنها.
وتشي زيارة وزير الشؤون الاستراتيجية ديرمر ومستشار الأمن القومي هنغبي وقدومهما إلى واشنطن بدلا من غالانت بأن المهمة تناولت على الأرجح ملفات أخرى بقيت سيرتها محجوبة.
وجاء توقيت الزيارة ليعزز التساؤل، إذ إنها أتت بعد أقل من 48 ساعة من محاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب. وما أوحى بالربط بين الاثنتين (الزيارة والمحاولة) أنه بعد أقل من 24 ساعة من لقاءات المسؤولِين الإسرائيليين في واشنطن، نسبت شبكة سي أن أن، الثلاثاء، إلى “مصدر بشري” أنه نقل معلومة استخباراتية إلى واشنطن مفادها أن “إيران متورطة في مؤامرة الاغتيال التي استهدفت ترامب”.
وبحسب الرواية المسربة على ما يبدو، فإن واشنطن تبلّغت معلومات في الأسابيع الأخيرة عن هذه “المؤامرة الإيرانية وأن الجهات الأمنية مررتها إلى حملة ترامب”. أما البيت الأبيض فرفض التعليق، مكتفيا بالقول إنه “ليس هناك دليل على علاقة المتهم بأي شركاء له في الداخل أو في الخارج”.
أكثر ما لفت في القصة كانت الإشارة إلى “العنصر البشري” الذي نقل المعلومة، إذ إنه في حالات كهذه وكما جرت العادة، يُكتفى بنسب الخبر إلى “مصدر مخابراتي” فقط، إلا أن تعمّد ذكر طبيعته بهذا الشكل بعد زيارة اثنين من كبار المسؤولين الإسرائيليين إلى واشنطن، دفع إلى ترجيح الاحتمال أن تكون إسرائيل هي الجهة التي نقلت سيناريو “المؤامرة” إلى المسؤولين الأميركيين.
وبصرف النظر عن مدى صحة الرواية، كان من الطبيعي أن تفتح نافذة جديدة على الحادثة، مع ما قد تنطوي عليه من مفاعيل، وخاصة أن محاولة اغتيال ترامب ما زالت ظروفها غامضة ومحاطة بالريبة والاتهامات بالتقصير المشكوك بدوافعه ويدور حولها جدل واسع بين الجهات الأمنية والجمهوريين.
ومن المتوقع أن تتفاعل أكثر بعد انتهاء المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، الذي بدأ أعماله الاثنين ويستمر لغاية غد الخميس، والذي تطغى سيرته الآن على المشهد، حيث تحوّل إلى احتفال مزدوج بنجاة ترامب من محاولة الاغتيال وبتطويبه زعيماً من غير منازع للحزب الجمهوري، الذي التف بكافة أجنحته حول مرشحه بعد اشتباكات سياسية طويلة بينها، وهو وضع لا بد أن يحسده عليه خصمه الديمقراطي الغارق في نزاعات وخلافات كبيرة بين قيادته ومرشحه الرئاسي بايدن وبين قسم كبير من أركانه في الكونغرس وخارجه، والذي يطالبه بالانسحاب من المعركة لصالح مرشح بديل، لتلافي هزيمة يرى البعض أنها باتت بمثابة تحصيل حاصل في الخامس من تشرين الثاني القادم إذا أصر الرئيس على المضي في المعركة.
وجاءت محاولة اغتيال ترامب لتقلب الصورة، إذ كان المتوقع أن يذهب الحزب الجمهوري مشتتا إلى الانتخابات، إلا أنه مع انعقاد المؤتمر الجمهوري وقبل شهر من انعقاد مؤتمر الحزب الديمقراطي، انعكست المعادلة، وبات الأول متماسكاً إلى أبعد الحدود والثاني مشرذماً ومشتبكاً مع نفسه ومع عامل الوقت الذي يعمل ضده.
وفي ظل هذا الوضع تأتي قصة المؤامرة التي قد يتوسع الجمهوريون في فتح ملفها بعد المؤتمر، على الأقل لإرباك الإدارة التي تقول بعض الجهات إن نتنياهو يعمل من جهته ما أمكن لمفاقمة هذا الإرباك خدمة لحملة ترامب.
(العربي الجديد)