اخبار بارزة عرب وعالم

فلسطينيات يتمنين “القبور” لأبنائهنّ.. عقاب إسرائيليّ يطال “الجثامين”!

نشر موقع “الجزيرة نت” تقريراً تحت عنوان “احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين.. عقاب تضاعف منذ 7 تشرين الأول”، وجاء فيه:

على مدى عام كامل، كانت أمنية سماهر أبو ناعسة أن تدفن ابنها الشهيد خليل في قبر، وأن تميّزه بشاهد جهزته العائلة بعد استشهاده، وأن تتمكن من زراعة الورود حوله كباقي عائلات الشهداء في مخيم جنين.

اليوم، تضاعفت هذه الأمنية لتشمل ابنها الثاني، عُدي، الذي استشهد في 25 آب الحالي بعد إطلاق الرصاص عليه عند مدخل مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية، وقالت سماهر للجزيرة نت: “أخشى أن يكون مصير جثمانه مثل شقيقه ويبقى حزني عليهما مفتوحا”.

وإن كانت العائلة تعلم جيداً مكان احتجاز جثمان خليل -وهو في ثلاجات إسرائيل بمعهد “أبو كبير” للطب الشرعي في تل أبيب– فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة لشقيقه، فمنذ السابع من تشرين الأول يرفض الاحتلال تقديم أي معلومات عن مكان احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين.

كذلك، تقول الأم “كل ما وصلنا عن عدي أنه استشهد، دون أي تفاصيل عن طبيعة إصابته ومكان جثمانه”.

وتعيش 149 عائلة فلسطينية مثل حالة والدة الشهيدين أبو ناعسة، تحت وطأة احتجاز إسرائيل جثامين أبنائها منذ الحرب على غزة في السابع من تشرين الأول 2023، منهم 20 طفلا و4 نساء، وهو ما يشكّل نصف عدد الجثامين المحتجزة منذ عودة إسرائيل لسياسة احتجاز الجثامين في عام 2015.

وفي اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين، الذي تنظمه الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء في 27 آب من كل عام، قالت الحملة إن إسرائيل تحتجز 552 جثمانا لشهداء فلسطينيين في ثلاجاتها أو في “مقابر الأرقام” منذ عام 1967، منهم 296 بعد عودة سياسة احتجاز الجثامين في 2015، من بينهم 32 أسيرا استشهدوا داخل السجون الإسرائيلية معروفي الهوية.

وبحسب الحملة، فإن هذه الأرقام لا تشمل جثامين الشهداء من قطاع غزة، فهناك أكثر من 60 شهيدا في السجون “مجهولي الهوية”، و1500 في معسكر “سديه تيمان” سيئ الصيت، مجهولي المصير أيضا.

ربط الملف بصفقة الأسرى

يقول منسق الحملة حسين شجاعية إن مكان وظروف احتجاز كافة الجثامين بعد السابع من تشرين الأول لا يزال مجهولاً، فالاحتلال بالرغم من كل المتابعات القانونية التي تقوم بها الحملة وجهات فلسطينية أخرى، يرفض الإفصاح عن معلومات ويربط الملف بصفقة تبادل قد تتم مع المقاومة.

ويرى شجاعية، في حديث للجزيرة نت، أن سياسة احتجاز الجثامين لها أهداف مركبة، فمن ناحية تسلب إسرائيل حق الفلسطينيين بالحزن على الشهداء وتشييعهم في جنائز تتحول إلى مناسبات وطنية تحرك الشارع الفلسطيني، ومن ناحية أخرى تحمل أهدافا سياسية تتعلق في الفترة الأخيرة بمبادلتهم في الصفقة.

ويتابع: “لم يسبق أن كان ضمن الصفقات التي عقدتها المقاومة الفلسطينية بند تبادل الجثامين، ولكن الآن مع وجود جثامين قتلى إسرائيليين في قطاع غزة تدرك إسرائيل جيدا أن هذا البند سيتم طرحه”.

ولم تفرق إسرائيل في عملية احتجاز الجثامين بعد السابع من تشرين الأول بين شهيد وآخر، ولا يوجد معايير واضحة على من يتم احتجاز جثمانه من الشهداء، ففي كانون الثاني الماضي احتجزت إسرائيل جثمان الطفلة رقية الجهالين (4 أعوام) 9 أيام قبل أن تتمكن عائلتها من دفنها.

على رأس القائمة

وتحلّ محافظتا طولكرم وجنين على رأس القائمة بأعلى الأعداد من الجثامين المحتجزة، وخاصة بعد عمليات القصف والاغتيالات التي تقوم بها قوات الجيش الإسرائيلي خلال اقتحامها للمخيمات هناك.

وفي واحدة من هذه الاقتحامات في تموز الماضي، استشهدت بيان عبيد (22 عاماً) ووالدتها خلال قصف استهدف مجموعة من المقاومين في مخيم طولكرم، وخلال الانسحاب احتجزت القوات الإسرائيلية جثمانها وجثامين اثنين من المقاومين، فدفنت العائلة الوالدة دون ابنتها التي كانت تقف إلى جانبها خلال القصف.

كذلك، تقول شقيقتها عنود للجزيرة نت إن العائلة لم تحفر لها قبرا بجانب والدتها حاليا كما هو حال عائلات الشهداء المحتجزة جثامينهم قبل الحرب، ليقينها أن إسرائيل لن تسلمها في هذه الفترة، فهو يستخدم هذه السياسة لكسر صمود الفلسطينيين ومضاعفة حزنهم على الشهداء.

وتابعت: “أتخيل دائما أنها مدفونة بجانب والدتي، أتمنى أن يتحقق ذلك لكي أستطيع زيارتهما والحديث معهما فربما يخفف هذا مما أشعر به من حزن على فراقهما”.

وستبقى أمنية عنود -ومن قبلها والدة خليل وعدي أبو ناعسة، وباقي عائلات الشهداء- معلقة إلى حين، فإسرائيل التي قتلت أحباءهم تعاقبهم مرة ثانية بحرمانهم من قبر يضمهم.

مع هذا، تقول والدة خليل وعدي: “كلما زرت مقبرة الشهداء في المخيم أشعر بحسرة وغصة في قلبي.. أحسد الأمهات اللواتي يجلسن بجانب قبور أبنائهن”.

(الجزيرة نت)