

فتحت أزمة تسميم العميل الروسي البريطاني المزدوج سيرغي سكريبال، بين موسكو ولندن، الباب على مصراعيه على العمل التجسسي وسعي الدول منذ عقود طويلة لاختراق أمن دول أخرى من خلال أشخاص على مستوى عال من التدريب الاستخباري للقيام بتلك المهام.
وبحسب تقرير “الخليج أونلاين”، إن سكريبال الذي أصيب وابنته، في الرابع من آذار 2018، بتسمم جراء استنشاقهم لغاز الأعصاب في سالزبري (جنوب غربي إنجلترا)، عمل لسنوات طويلة داخل وخارج روسيا كضابط استخباراتي، قبل تجنيده من قبل الاستخبارات البريطانية. ونتيجة هذا، اعتقلته روسيا وحاكمته بتهمة التخابر لجهات أجنبية وإفشاء أسرار خاصة، ثم سُلم لبريطانيا لاحقاً ضمن صفقة تبادل في 2010.
وأشار التقرير الى أن “العميل الروسي البريطاني المزدوج، وبسبب شيوع اسمه، واهتمام بريطانيا بالحفاظ على حياته، وتعرضه للتسمم، الذي أحدث توتراً في العلاقات الدبلوماسية بين لندن وموسكو، يكون قد دخل ضمن قائمة أشهر الجواسيس في العالم”.
– جواسيس روسيا
قائمة الجواسيس قد تطول كثيراً باحتوائها على عدد كبير من الأشخاص الذين اشتهروا بالجاسوسية على مستوى العالم، لكن بالتأكيد هناك جواسيس بارزون قدموا عملاً أكبر وأهم مما قدمه نظراؤهم في الجاسوسية.
واشتهرت روسيا بين دول العالم بقوتها في التجسس، فدخل الكثير ممن صنعتهم قائمة الأكثر شهرة في هذا العمل.
ويعتبر الزوجان يوليوس وإيتال روزينبرغ من بين أهم الجواسيس في التاريخ؛ إذ قدما في بداية الخمسينيات من القرن الماضي معلومات سرية لموسكو حول البرنامج النووي الأمريكي.
أيضاً يعدّ الطالب أنطوني بلانت أحد أبرز جواسيس روسيا؛ إذ تسبب بأكبر فضيحة تجسس في بريطانيا سنة 1979. هو اعترف بوجود خلية تجسس من خمسة أفراد تعمل لحساب جهاز المخابرات الروسي “كي جي بي”، وذلك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
إن الخلية كانت تربطها علاقات وثيقة بدوائر حكومية بريطانية مؤثرة، ورغم كشف هوية أربعة عملاء، بقيت هوية “الرجل الخامس” إلى اليوم طيّ الكتمان.
ودائماً كان الروس يعتمدون على النساء في العمل التجسسي، ومن بين هؤلاء النساء آنا تشابمان، التي ألقى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) القبض عليها سنة 2010، كجزء من خلية تجسس روسية. أفرج عن الجاسوسة الروسية المحترفة في عملية لتبادل السجناء مع روسيا، لتبدأ بعدها العمل في موسكو كعارضة أزياء ومقدمة تلفزيونية، وهي تعتبر رمزاً وطنياً في روسيا.
ليس التجسس حكراً على روسيا، فتلك المهام كان لها الدور البارز في توصل بلدان إلى حقائق ومعلومات سرية لبلدان أخرى، لا سيما في أوقات الحرب الباردة.
إذ يعتبر سيدني ريلي من أشهر جواسيس العالم؛ كان يمتلك 11 جواز سفر و11 زوجة، وكان مطارداً من الاتحاد السوفييتي- روسيا حالياً- لإدانته بالتجسس لحساب إنكلترا، وهو يجيد 7 لغات لا أحد يعرف اسمه الحقيقي أو جنسيته الحقيقية.
وبرزت أيضاً ماتا هاري، وهي راقصة هولندية ولدت في جزيرة جاوة، من أم إندونيسية وأب هولندي. عملت ماتا لحساب المخابرات الألمانية في فرنسا، وكانت صاحبة علاقات قوية بالمسؤولين الفرنسيين؛ ما مكنها من نقل أسرارهم للألمان في الحرب العالمية الأولى، وقبض عليها الفرنسيون عام 1916 وجندوها لحسابهم، ثم قبض عليها الألمان وأعدموها.
– سويسرا والجواسيس
وباستمرار تكتشف الدول وجود خلايا تجسس وأشخاص يعملون لحساب دول أخرى في نقل معلومات حساسة وسرية عن البلاد، في وقت تكثف جميع الدول جهودها الاستخبارية لكشف الجواسيس على أراضيها.
آخر ما أُعلن حول هذا الموضوع كان من خلال تقرير لحكومة سويسرا، أكدت فيه ارتفاع عدد الجواسيس الأجانب الذين يتظاهرون بأنهم دبلوماسيون.
ووفقاً للتقرير السنوي فإن لدى الحكومة السويسرية شكوكاً جدية في أن رُبع الموظفين الدبلوماسيين على الأقل في ممثلية دولة بعينها، لديهم صلات بأجهزة المخابرات في بلدهم.
التقرير، الذي نُشر في7 آذار 2018، لم يذكر اسم هذا البلد، فيما أشار إلى أن العديد من الدول تنشر ضباط مخابرات مسافرين.
وأوضح أن الجواسيس يزورون سويسرا في مهمة لمرة واحدة، وفي كثير من الأحيان لا تكون سويسرا البلد المستهدف لهذه العمليات ولكن دولة أوروبية أخرى.
– جواسيس يتعلمون اللغة العربية
في تموز 2017 نشرت وكالة “فرانس برس” تقريراً سلطت فيه الضوء على كيفية تدريب فرنسا جواسيسها قبل إرسالهم إلى المناطق المراد عملهم فيها، والكثير منهم يتعلمون اللغة العربية.
وتنقل الوكالة الفرنسية صورة عما يجري في مركز “لتأهيل الجواسيس” بمدينة ستراسبورغ الفرنسية، مشيرة إلى أن عشرين متدرباً كانوا يرتدون البزات العسكرية وهم جالسون خلف أجهزة كومبيوتر ويرددون أولى الكلمات العربية؛ على أمل إتقان هذه اللغة في غضون 24 شهراً قبل أن ينصرفوا إلى العمل الميداني.
وكشف التقرير أن المنطقة العربية مستهدفة بشكل كبير، وهو ما يجعل دولاً أخرى تجند عملاءها للعمل فيها.
ويضيف التقرير: “سيُرسل هؤلاء إلى مكان ما في منطقة الساحل أو الشرق الأوسط، وفقاً لعمليات الجيش الفرنسي؛ للتنصت على العدو واختراق معلوماته. وسيتعين عليهم فك الرسائل المشفرة في أثناء الاتصالات، والمساعدة في تحديد مواقع الأهداف وإحباط الكمائن والتحذير من اعتداءات”.
ونقلت “فرانس برس” عن متدربة تدعى كاترين (22 عاماً) قولها إن “ما يحتاج إليه المقاتل هو أن يتعلم بوتيرة سريعة لغة عمل جديدة، العربية أو الروسية، في غضون 24 شهراً، والصينية في 36 شهراً. ويتدرب آخرون على مراقبة شبكات التواصل الاجتماعي”.
وأضافت: “ما يجذبني هو أن أتعلم لغات نادرة بسرعة فائقة، وأن أعرف أن مسؤوليات ستلقى على كاهلنا بعد ذلك، وهذا دور أساسي في شبكة الاستخبارات”.
ومن خلال ست ساعات يومياً من التدريب، من دون احتساب العمل الشخصي في المساء أو في نهاية الأسبوع، يكتشف هؤلاء الطلاب قواعد اللغة ومختلف اللهجات، ثم يذهبون لتعلم اللغة بشكل مفصل في إستونيا أو مصر أو طاجكستان.
ووفقاً للتقرير “لا يتم الكشف في هذا العالم الغامض عن أسماء العائلات والعلاقات الشخصية والتدريب أمام الزائرين القلائل، الذين يسمح لهم بدخول باب مبنى شتيرن العسكري، الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر”.
وذكر التقرير أن اللغة العربية تحتل مركز الصدارة في التعليم داخل هذا المركز، ولا تزال اللغة الروسية تحافظ على أهميتها؛ فصفحة الحرب الباردة قد طويت لكن الروس منذ 2014 بدؤوا يعودون بقوة إلى منطقة المتوسط وأبواب الاتحاد الأوروبي، وتجند الشبكات الجهادية عدداً كبيراً من الناطقين باللغة الروسية من القوقاز أو آسيا الوسطى.
(الخليج اونلاين)