

تحت عنوان “صيفٌ طويل وحارّ” كتب جوني منير في صحيفة “الجمهورية”: “قد يأمل اللبنانيون أن تشكّل نهاية الانتخابات النيابية وصدور النتائج خاتمة لمرحلة من التشنّجات واكبت الحملات الانتخابية وتخلّلتها أحداثٌ أمنية ومواجهات وخطاب متوتّر خرج عن اللياقة وأجّج العصبيات الطائفية والمذهبية.
لكن الحقيقة غير ذلك، فعدا الملفات الداخلية الصعبة التي تنتظر اللبنانيين وعلى رأسها مسألة تشكيل حكومة من المرجح أن تبقى طوال السنوات الأربع المقبلة ما يفاقم من المصاعب التي تعترض تشكيلها، فإنّ الوضع الاقليمي والتحدّيات والمخاطر الموجودة تُنبئ بصيف حار وطويل سيلفح لبنان وسيضاعف من وطأة مشكلاته الداخلية.
فهنالك الجرح اليمني والوجع السعودي منه حيث من السذاجة حصر رسائل الصواريخ الحوثية في اتّجاه السعودية في اطار الحرب اليمنية فقط. إنها رسائل تصل حروفُها الى مناطق أبعد مثل سوريا.
وهنالك غزة والمسار التصاعدي بين الفلسطينيين والإسرائيليين كما بين حركة “حماس” والسلطة الفلسطينية. وهنالك الاتّفاق النووي والمأزق الكبير الذي يقف امامه الجميع ويُنذر بأخذ الامور في اتّجاهاتٍ جديدة.
كذلك إعلان واشنطن عن افتتاح سفارتها في القدس وسط تلميح “البيت الابيض” الى إمكانية مشاركة الرئيس الاميركي دونالد ترامب شخصياً في هذا الافتتاح. وهنالك بالتأكيد الساحة السورية المفتوحة على كل انواع المواجهات النابعة من سعي كل طرف لتثبيت حجمه ودوره ونفوذه للمرحلة المقبلة، وتدفع الشرق الاوسط الى الدخول في اسابيع حارّة وصعبة”.
وأضاف: “وذكرت مصادر ديبلوماسية اميركية في واشنطن انّ قمّة ترامب – ماكرون شهدت نقاشاً حول إعادة فتح باب التفاوض والتسوية مع إيران حول الملفات الملتهبة وساحات المواجهة في الشرق الأوسط وبمشاركة روسيا.
ووفق هذا المصدر الديبلوماسي الخبير في ملفات الشرق الاوسط، فإنّ الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قد يكون صمّم الاتّفاق في إطار استراتيجيّته والتي قضت بالانسحاب بهدوء من أزمات الشرق الاوسط ومستنقعاته. لكنّ ترامب يرى أنّ بلاده ما تزال عالقة في وحول المنطقة وأنّ الاتّفاق يقيّدها بإيران لسنوات مقبلة، وأنه بالضغط الذي يمارسه الآن والتهديد بانسحابه من الاتّفاق يريد دفع إيران الى إنجاز تسويات عريضة في اليمن والخليج وسوريا والعراق وأيضاً لبنان، وإلاّ فإنّ البديل سيكون التلويح بإطلاق سياسة تسعى الى تغيير النظام من خلال أشكال عدة لن تصل أبداً الى احتمال حصول مواجهة عسكرية، وهو احتمال غير موجود إلّا في عقول بعض البسطاء.
قبيل إنجاز الاتّفاق النووي رفضت طهران التفاوض مع واشنطن حول ملفات المنطقة لإقتناعها بأنها أنجزت اوراقاً رابحة ليست في حاجة لإعطاء مقابل لها. اليوم يريد ترامب العودة الى هذه النقطة إن بالذهاب مباشرة الى الاتّفاق النووي، او مواربة عبر الضغط على إيران في سوريا.
لكنّ إيران تدرك جيداً أنّ لهذا الضغط حدوداً، فروسيا حاضرة لتعزيز موقعها كمرجعية مباشرة على حساب الدور الاميركي. وساحات المواجهات تسجّل مزيداً من المكاسب للمحور الايراني ـ الروسي وآخرها من خلال الانتخابات النيابية في لبنان. ولكن الأهم الردّ الإيراني والذي سمح بإمرار “الانتصار” الانتخابي في لبنان، وهو ما يعني أنه بات قريباً، وأنّ الساحة اللبنانية قد تشهد تردّداته، ما يعني إدخال لبنان مجدّداً في الصيف الطويل والحار”.
لبنان24