

من حق أي مراقب أن يسأل لماذا أهملت الحكومات السابقة استغاثة أكثر من 30 ألف لبناني كانوا يعيشون بمواجهة مباشرة مع الإرهاب التكفيري الذي سيطر على مدينة القصير والقرى السورية المجاورة وأحجمت عن إرسال الجيش لحمايتهم، على الرغم من مناشدة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أكثر من مرة، وتعامت عن دخول عشرات آلاف الإرهابيين إلى البقاع بغطاء أميركي، ولماذا هذه الحكومات قطعت الطريق أمام الجيش اللبناني بملاحقة الإرهابيين الذين اختطفوا 35 عسكرياً من عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي؟ ولماذا سمحت للإرهاب باحتلال عرسال والتمدد في الجرود وقصف قرى البقاع الشمالي بالصواريخ؟ وما الذي تبدّل اليوم لتقف الحكومة الحالية الى جانب الجيش في معركة “فجر الجرود” وتوفير غطاء سياسي واسع له؟
في هذا السياق، تجيب أوساط سياسية لصحيفة “الديار” أن الذي تغير اليوم هو هزيمة المشروع الصهيو_أميركي في المنطقة وانتصار محور المقاومة الذي دفع الاميركيين لتغيير املاءاتهم على أدواتهم العربية والمحلية التي قطعت الطريق أمام الجيش اللبناني لخوض معركة اجتثاث الارهاب وحماية كل المواطنين في الداخل وعلى الحدود خصوصاً في ظل الإجماع الوطني على أن الجيش قادر على ذلك، أليس من حق اللبنانيين الذين فقدوا أبناءهم جراء هذا السلوك الحكومي، ان يطالبوا بتطبيق مبدأ الثواب والعقاب على الذين فرطوا بدماء أبنائهم والذين غضّوا الطرف عن انتهاك السيادة اللبنانية من قبل الإرهابيين في عرسال والجرود لأكثر من أربع سنوات.
وبالعودة الى معركة “فجر الجرود” التي يخوضها الجيش اللبناني بالتزامن والتنسيق الميداني مع المعركة التي يخوضها حزب الله والجيش العربي السوري والذي أطلق عليها اسم “إن عدتم عدنا”، يؤكد خبراء عسكريون استحالة خوض هذه المعركة بدون التنسيق بين الجيش وحزب الله، وإلا لما كانت هذه الإنجازات السريعة. على الرغم من عدم حصول أي اشتباك مباشر بين وحدات المشاة في الجيش اللبناني وإرهابيي “داعش”، والإنجازات التي حققها الجيش اللبناني من خلال القصف المدفعي والصاروخي الكثيف والمركز، الجيش اللبناني يتميز بإصاباته الدقيقة التي يحققها من خلال سلاح المدفعية.
وبحسب الاوساط ذاتها، إن السرعة التي أنجز فيها مجاهدو “المقاومة الإسلامية” ووحدات الجيش السوري في القلمون الغربي كانت محط اهتمام مراكز الدراسات العسكرية الصهيونية لأن جغرافية المنطقة صعبة جداً وقوة تحصينات “داعش” تتركز في تلك المنطقة التي يخوض حزب الله معركته فيها. وأوضحت المصادر السياسية أن حزب الله والجيش السوري غير مهتمين بإعطاء صورة مقنعة عمّا يجري في القلمون الغربي. وعن حتمية التنسيق بين الجيش اللبناني وبين الجيش العربي السوري وحزب الله، أوضحت المصادر أن الأميركيين أقرّوا بحتمية التنسيق بين الجيش السوري والجيش اللبناني وحزب الله في كواليس الاتصالات وتحت الطاولة، إلاّ أنهم طلبوا برسالة رسمية نفي أي تنسيق إعلامياً، لأن الإدارة الأميركية ترمي في مرحلة ما بعد معركة الجرود إلى إطلاق حملة واسعة من الضغوط على سلاح حزب الله عبر أدواتها المحليين والقول إن الجيش اللبناني قادر على رد أي عدوان، لذلك لم يعد سلاح حزب الله حالة ضرورية ومكمّلة لسلاح الجيش اللبناني.
لكن، ختمت الأوساط السياسية ناصحة القوى السياسية اللبنانية المنخرطة في الإدارة الأميركية بعدم الغوص في سجالات لا تفيد البلد وتسيء إلى حالة التوافق الجارية، بمعزل عن استطاعتها تقديم أي خدمة للمشغّل الأميركي.
(خالد عرار – الديار)