اخبار بارزة لبنان

هل يتحوّل الانقسام الداخلي “إسلامياً – مسيحياً”؟

منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والخلاف الكبير الذي حصل بين “قوى الرابع عشر من اذار” و”حزب الله” آنذاك، بدأ الانقسام السياسي الحاد الذي استمر حتى اليوم، لكنه الخلاف يومها لم يأخذ طابعاً طائفيا، اقله في مرحلته الأولى ليتحول لاحقا الى خلاف سني – شيعي بشكل اساسي في حين ان المسيحيين انقسموا في ما بينهم وتمركزوا بين الفريقين، فكان التحالف العميق بين” حزب الله” و”التيار الوطني الحر” والتحالف المماثل بين “القوات اللبنانية” و”تيار المستقبل”.

لم يتحول الصراع السياسي بعد العام 2005 الى انقسام اسلامي مسيحي ولا الى خلاف شيعي – مسيحي بالرغم من ان مصلحة “قوى الرابع عشر من اذار” يومها كانت عزل “حزب الله” لكن انتقال الرئيس السابق ميشال عون الى صفوف “قوى الثامن من اذار” منع حدوث ذلك، وبقي الوضع على حاله الى حين انتهاء الحرب السورية ودخول لبنان في ازمته الاقتصادية غير المسبوقة، ومع بدء حرب غزة، بدأ يتبلور الشكل الجديد للخلاف الداخلي والذي بدأت مؤشراته توحي بقرب تحوله الى اسلامي – مسيحي.

للمرة الاولى منذ نحو 20 عاماً، اصبحت العلاقة بين الشيعة من جهة والمسيحيين من جهة اخرى بهذا السوء، بعد ان كان التحالف بين “حزب الله” والعونيين يعطيها طابعا ايجابيا، الا ان تراكم الخلافات والوصول الى حد الطلاق بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك ادى الى خلق رأي عام مسيحي معارض للحزب وتوجهاته الداخلية الاستراتيجية، بشكل شبه كامل. وجاء ذلك بعد انفجار المرفأ والثورة الشعبية في العام 2019.

لكن هذا التوتر السياسي ينتقل تدريجيا ليشمل السنة والمسيحيين ايضا، وهذا يعود الى الحزب الحاصلة في غزة والتقارب الذي احدثته بين “حزب الله” وبعض القوى السنية، على اعتبار ان موقف الحزب ووقوفه الى جانب حركة حماس انهى المرحلة السابقة وفتح صفحة جديدة، في المقابل تفاعل الخلاف بين “القوات اللبنانية” وجزء غير محدود من البيئة السنية على خلفية اداء معراب في ملف الرئيس سعد الحريري، ليصبح تمايزا جديا على معظم الملفات.

في القضايا الداخلية والخارجية يظهر ان هناك تمايزا وخلافا حقيقيا بين القوى السياسية ذات التمثيل المسيحي وبين القوى السياسية ذات التمثيل الاسلامي، وهذا يمكن ملاحظته في ملف الإنتخابات الرئاسية، وكذلك في الموقف من الحرب في الجنوب وغزة، وعليه فإن الكباش الاعلامي والسياسي الحاصل بين “حزب الله” وخصومه يؤثر بشكل حقيقي على شكل الانقسام الداخلي، خصوصا ان خطاب “الاختلاف الثقافي” الذي يصوب به على “حزب الله” يصيب المجتمع السني ايضا.

في المرحلة المقبلة، وفي حال طالت التسوية، قد يزيد عمق الخلاف الاسلامي المسيحي لنعود الى مرحلة ما قابل العام 1975 من حيث حدة وعمق هذا الانقسام، علما ان اي تحول جدي من قبل هذا الفريق او ذاك، في ملف رئاسة الجمهورية مثلا قد يعيد خلط الاوراق، كذلك بالنسبة لعناوين خلافية اخرى كسلاح الحزب وقانون الانتخاب. من غير المعروف المدى الزمني الذي سيستمر فيه الخلاف وفق شكله الحالي لكن الاكيد ان عملية عزل وإلغاء هذا الطرف او تلك الفئة لا يمكن ان يحصل في لبنان.

المصدر: “لبنان 24”