اخبار بارزة لبنان

هل سيتم “غزو لبنان”؟ قراءة تكشف تحرّك إسرائيل!

يوم أمس، أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تهديدات عديدة ضد لبنان، أولها جاء من مُستوطنة كريات شمونة المُحاذية للبنان، حيث قال إن “إسرائيل تستعد للقيام بعملٍ قوي جداً في الشمال”.

في كلامه الذي جاء ضمن زيارة سرية، لم يتحدث نتنياهو عن “غزو لبنان”، كما أنه لم يُحدّد ماهية “العمل القوي” الذي قد تنفذه إسرائيل على الجبهة، لكنه تحدث عن أنه سيتم إعادة الأمن إلى الشمال “بطريقة أو بأخرى”.
Advertisement

وخلال إجتماع لمجلس الوزراء، وجه نتنياهو تهديداً آخر، مشيراً إلى أن الوضع القائم عند الحدود بين لبنان وإسرائيل لا يمكن القبول به كما أنهُ لن يستمر”، معلناً أن “تل أبيب ستعمل على إعادة سكان الشمال الإسرائيلي سالمين إلى منازلهم”.

السؤال الأساسي هنا هو التالي: ماذا في خفايا تهديد نتنياهو؟ وما هي الخيارات التي يمكن أن تعتمدها إسرائيل لإعادة الأمن إلى الجبهة؟

“تجنب غزو بري”

ما يظهر حالياً بحسب تصريحات المسؤولين الإسرائيليين من جهة والمحللين في تل أبيب من جهة أخرى، أن هناك توافقاً على التوجه الذي يقضي بنقل المعركة الأساسية من غزة إلى جنوب لبنان، باعتبار أن التهديد الذي تراه إسرائيل من “حزب الله”، يفوقُ بكثير التهديدات التي تشكلها حركة “حماس” في قطاع غزة.

في المقابل، فإنّ هذا الأمر لم يدفع نتنياهو إلى الإعلان صراحة عن تبني مسألة تبديل “أولوية الجبهات”، لكن كافة المؤشرات البارزة عبر التقارير الإسرائيلية، تُوحي بأن تل أبيب باتت تسعى لجعل لبنان ساحة رئيسية ولكن بآلية عمل مختلفة.

مصادر معنية بالشؤون العسكريّة تحدّثت عن سيناريو الهجوم البري الذي تروّج له بعض الأطراف الإسرائيلية، وقالت إنّ هذا الأمر سيكون وارداً لكنه قد لا يكون الخطوة الأولى على صعيد المواجهة، مشيرة إلى أن التحليلات للخطاب الإسرائيلي تكشف عن أن إسرائيل تستعدّ لحرب جوية وبحرية بالدرجة الأولى قبل الإنتقال إلى حالة الهجوم البري.
المسألة هذه “حاسمة” جداً بالنسبة للإسرائيليين، فأيّ هجومٍ بري على لبنان لن يكون سهلاً تبعاً لطبيعة الميدان الذي يختلفُ تماماً عن غزة، كما أن التكيف مع البيئة الجبلية في جنوب لبنان يُعتبر مهماً جداً خلال أي معركة.

إنطلاقاً من ذلك، فإن ما يظهر هو أن إسرائيل قد تُمهد الطريق نحو هذا الغزو من خلال شنّ حملة جوية يكون الهدف منها إخلاء جنوب لبنان من سكانه من جهة، وزيادة الضغط العسكري على “حزب الله”. هنا، وبحسب المصادر، فإن إسرائيل تسعى لـ”إستنتساخ” المبدأ الذي اعتمده “حزب الله” خلال القتال منذ 8 تشرين الأول الماضي، والذي قام على الضغط العسكري باتجاه إسرائيل و”إفراغ الشمال” من المستوطنات وتسديد ضربات عسكرية متنوعة. وبمعنى آخر، فإن إسرائيل تسعى لـ”عكس الجبهة” ضمن الداخل اللبناني، وذلك من خلال تكريس عنصرين أساسيين هما زيادة مدى تهجير الجنوبيين والسعي لـ”دفع حزب الله بعيداً عن الحدود” عبر ضربة توسعية.

ما هي الخسائر التي قد تنالها إسرائيل من الغزو البري؟

أبرز ما يمكن أن يخشاه الإسرائيليون خلال أي عملية برية هو ما قد يقوم به “حزب الله” عبر أسر جنودٍ إسرائيليين. المسألة هذه، بحسب المصادر المعنيّة بالشؤون العسكرية، ستكون بمثابة “تكرار” لسيناريو غزة ولمسألة “تبادل الرهائن”، ما يعني الوصول إلى حلقة تفاوضية جديدة وأكثر تعقيداً مع “حزب الله”، والسبب هو أن التنظيم الأخير أقوى من حركة “حماس” في غزة، وبالتالي فإن شروطه ستكون أقصى خلال أي مفاوضات قد تجري لاحقاً وتنتج تسوية جديدة على غرار القرار 1701 الذي صدر عام 2006 إبان حرب تموز آنذاك بين حزب الله والجيش الإسرائيلي.

مسألة الرهائن هي “خسارة سياسية وأمنية بحد ذاتها”، وبدلاً من أن يقوم “حزب الله” باقتحام الجليل لتنفيذ عمليات أسر وتعريض عناصره للخطر، فإن مسألة الغزو ستتيحُ له هذا الأمر من داخل لبنان خصوصاً إن بقيت القوى العسكرية للأخير قائمة ولم تتعرض لضربات كبيرة في حال توسيع المعركة.

ما هي الخيارات الأخرى التي تحدث عنها نتنياهو؟

الكلام “العام” الذي استخدمه نتنياهو للحديث عن “الخيارات الأخرى” التي قد تلجأ إليها إسرائيل لإعادة ما أسماه بـ”الأمن إلى الشمال”، قد يتمحور حول التمهيد لـ”تسوية”، وقد يكون ذلك بمثابة رسالة غير مباشرة إلى الأميركيين و “حزب الله” من أجل الإنتقال إلى مسار مفاوضات لا يُمكن فصله عن تهديدات متصاعدة وعمليات عسكرية متواصلة.

هنا، فإن ما يجري هو عملية “جس نبض”، وتعتبر المصادر المعنية بالشؤون العسكرية أن ما قاله نتنياهو يعني إيران بالتحديد، خصوصاً بعد زيارة وزير خارجيتها بالوكالة علي باقري كني إلى لبنان قبل أيام، والتي خلالها أعرب عن رفض بلاده خطة الرئيس الأميركيّ جو بايدن لتسوية وضع جنوب لبنان.

السؤال الأكثر طرحاً هنا هو مضامين التسوية وما إذا كانت ستعيد الأمن إلى شمال إسرائيل، لكن المسألة هنا قد تختلف عن السابق بشأن ما قد تحمله التسوية من شروط. ففي حال شنت إسرائيل هجوماً جديداً وتوسعياً، عندها سترى أن إمكانية إنشاء شريط أمني في الداخل اللبناني هو الأكثر طرحاً بالنسبة لها إن وجدت إمكانية لذلك، وبالتالي استخدام نتائج التقدم البري كلبنة أساسية للتسوية.

السيناريو الأخير في الحقيقة، يعتبر مستبعداً تماماً لأنّ أي غزو بري للبنان لن يكون سهلاً، وبالتالي فإن المعادلات قد تختلف تبعاً لوقائع الميدان. هنا، يقول أحد المصادر المعنية بالشؤون العسكرية إن مسار المعركة سيكشف عن مفاجآت عديدة، مشيرا إلى أن مسار أي معركة سيحكمُ التطورات التي قد تؤدي إلى تسوية بملامح جديدة غير معروفة حتى الآن.

في محصلة الكلام، يبقى منتظراً ما قد تُقدم عليه إسرائيل على كافة الجبهات.. والسؤال الأبرز: هل تتحمل فتح جبهة جديدة تساهم في خسارة مقومات استراتيجية كبيرة؟ وهل سينفذ نتنياهو تهديداته حقاً؟

المصدر: “لبنان 24”