ابرزت الايام الأخيرة صعود الاهتمام الأميركي بالواقع الميداني المتفجّر على جبهة الجنوب اللبناني وتقدمه في أولويات الإدارة الأميركية بشكل لافت على خلفية تصعيد التحذيرات الأميركية من اشتعال حرب واسعة في لبنان . وإذ يبرز هذا التطور من خلال ايفاد كبير مستشاري الطاقة للرئيس الأميركي اموس هوكشتاين الاثنين المقبل إلى إسرائيل فان الكشف عن زيارة قريبة مفاجئة لوزير الدفاع الإسرائيلي لواشنطن تتصل بخطر الحرب في لبنان أضفى دلالات ساخنة وطارئة على الأجواء المشدودة التي تحكم واقع الجبهة اللبنانية الإسرائيلية في الفترة الأخيرة رغم كل الشكوك بل واستبعاده أي حرب واسعة تقدم عليها إسرائيل من جانب “حزب الله” .
وكتبت ” الاخبار”: برنامج عمل المقاومة في لبنان يتخذ أشكالاً متنوعة تحاكي سلوك العدو، ويؤكد أن الاغتيالات لا تؤثّر سلباً على أداء المقاومين في الميدان، عدا أنها لا تشكل عنصر ردع للقيادة السياسية، وهو أمر خبره العدو طوال أربعة عقود. وبالتالي، فإن قدرة المقاومة على التكيّف تصبح أكثر فعالية. وهو ما بدا في موجة العمليات التي حصلت في الأيام الثلاثة الماضية، اذ لم يقتصر الأمر على تكثيف الضربات القاسية ضد كل المنشآت العسكرية والأمنية لجيش الاحتلال في كامل القطاع الشرقي من الجبهة (المماثل للقطاع الشرقي في لبنان، والذي تحت إدارة الشهيد أبو طالب)، بل عمدت المقاومة إلى اعتماد أساليب تظهر الاستعداد لاحتمال قيام العدو بغزو بري. ويمكن لقادة العدو العسكريين قراءة خلفية العملية التي استهدفت موقع الراهب أول من أمس، حيث استُخدمت أسلحة رشاشة من العيار الثقيل، مثبّتة على آليات تتحرك على بعد مئات الأمتار من الموقع الذي قُصف أيضاً بقذائف خاصة من الهاون، استخدمتها المقاومة للمرة الأولى، وهي ذات مفعول مخيف على تجمعات الجنود وانتشارهم.
عملياً، نحن أمام مسار غير مستقرّ للمواجهة على حدود لبنان مع فلسطين. وأهل القرار في العواصم الكبرى يخشون المآلات الغامضة لأي مواجهة كبيرة، وهو ما يفسر الاستنفار الدبلوماسي الفرنسي – الأميركي، من إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، أن قادة «مجموعة السبع» اتفقوا في قمتهم، على تشكيل لجنة ثلاثية تضم إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا لبحث خارطة طريق فرنسية لنزع التوتر بين حزب الله وإسرائيل، إلى الاعلان أمس عن أن المبعوث الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتين سيزور كيان العدو الإثنين المقبل لبحث «سبل منع تدهور الأوضاع إلى حرب شاملة مع لبنان».
وصدر بيان مشترك عن المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت ورئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو جاء فيه:”بينما تحتفل المجتمعات في لبنان وحول العالم بعيد الأضحى المبارك، تكرر عائلة الأمم المتحدة دعوتها لجميع الجهات الفاعلة على طول الخط الأزرق لوضع أسلحتها جانباً والالتزام بمسار السلام. منذ شهر تشرين الأول/ أكتوبر، شاهدنا خسارة الكثير من الأرواح، واقتُلعت العائلات، ودُمّرت الأحياء، ونحن قلقون للغاية بشأن التصعيد الذي رأيناه مؤخراً. إن خطر سوء التقدير الذي يؤدي إلى نزاع مفاجئ وأوسع نطاقاً هو حقيقي للغاية، ونحن نواصل العمل مع الأطراف وحثّ جميع الجهات الفاعلة على التوقّف عن إطلاق النار والالتزام بالعمل من أجل حلّ سياسي ودبلوماسي – وهو الحلّ الوحيد الدائم. في هذا العيد، نتمنى للجميع أن ينعم بالتعاطف والوئام – والأهم من ذلك كله – السلام”.
وجدد النائب قاسم هاشم نداءه ودعوته مديرية الدفاع المدني وكل الجهات المعنية ومن يملك الإمكانات والقدرات للعمل سريعاً «لإخماد الحرائق التي أشعلها العدو الإسرائيلي باعتداءاته منذ أيام، الذي استهدف المساحات الخضراء، إمعاناً في حقده وعدوانيته». ولفت إلى أن «المحاولات لإطفاء الحريق تكاد تقتصر على الإمكانات المناطقية المحدودة».
وبعد الظهر، أكد هاشم لـ«الشرق الأوسط» أنه تم إخماد الحرائق بعد امتداد النيران إلى مساحات شاسعة نتيجة القصف الإسرائيلي بالفوسفور ووصولها إلى المنازل، مشيراً إلى أن السيطرة عليها لم يكن سهلاً نظراً لاعتماد أبناء المنطقة على وسائل بدائية، إضافة إلى أن الطرقات جبلية ووعرة، والطقس حار والرياح قوية، ما يصعّب المهمة. ولفت إلى أنه، وبعد الجهود المشتركة من فرق الدفاع المدني في كل المنطقة، نجحوا في إخماد الحرائق في كل بلدات الجنوب، واتضحت الخسائر الكبيرة في الأحراج والمساحات الخضراء في مختلف المناطق.
ونقلت«الأنباء الكويتية » عن خبراء ان التصعيد هو بمنزلة مد وجزر يفرضه واقع الميدان، وذكروا ان الجميع يلتزم بقواعد الاشتباك، ولا أحد يريد الذهاب بعيدا في الحرب، وهذا يعني بقاء الوضع محكوما بما ستؤول إليه الحرب في غزة.
وكان الوضع الميداني حافظ على نسبة عالية من السخونة أمس حيث استهدفت مسيّرة، دراجة نارية على تقاطع بنت جبيل – مارون الراس، ممّا أدّى إلى سقوط قتيل وإصابة آخر. واشتعلت الدراجة النارية إلى جانب الطريق، قبل أن تعمل فرق الدفاع المدني على إطفائها.وفي وقت لاحق، أعلنت “حركة الجهاد الإسلامي” مقتل أحد أعضائها في هجوم إسرائيلي جنوب لبنان. وقالت الحركة إن الضربة أدت إلى مقتل محمد زهير خليل جلبوط، المعروف أيضا باسم “أبو خليل”، الذي يحمل الجنسية الفلسطينية. وأفيد عن إصابة سيدة برصاصة جراء التمشيط الذي نفذه الجيش الإسرائيلي على الوزاني وتم نقلها إلى مستشفى مرجعيون. وتعرضت أطراف بلدة ديرميماس وتلة العزية لقصف فوسفوري، بهدف إشعال النيران في احراج البلدة. وتواصل القصف الإسرائيلي المتقطع على أطراف بلدة الناقورة في القطاع الغربي.
وفي الترددات الديبلوماسية للواقع المتدهور أعرب مسؤولون أميركيون عن قلقهم المتزايد من احتمال أن تبدأ إسرائيل الحرب ضد “حزب الله”. واعتبر المسؤولون أن “ضربات إسرائيل الأخيرة داخل لبنان قد تكون تمهيدًا لهجوم أوسع”.