يستمر الجمود متحكماً بمجمل الملفات السياسية مع تردّدات متصلة بالازمة الرئاسية. ولن تشهد البلدات والقرى الحدودية في الجنوب، كما صور والنبطية اليوم مسيرات فب ذكرى عاشوراء نظرا إلى الظروف الحربية التي تتحكم بهذه المناطق والتي دفعت الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الى إعلان الغاء المسيرات في هذه المناطق في كلمته ليل الاثنين الماضي.
وبحسب” النهار”: يكتسب هذا الأمر دلالات معبّرة، دينياً وأمنياً، إذ نادراً ما جرى إلغاء هذه المسيرات حتى في حقبات كانت تشهد توترات مع إسرائيل بما يعكس شراسة المواجهات الميدانية الجارية راهناً والتي تثير الخشية من استهدافات إسرائيلية لتجمعات مدنية، الأمر الذي يعرّض الوضع برمته إلى انفجار واسع.
وما زاد في الوضع الجنوبي حذره وخطره أن الساعات الأخيرة شهدت هجمة إسرائيلية عنيفة على عدد من البلدات الحدودية اوقعت ضحايا مدنيين مع مؤشرات مقلقة إلى اتّساع الاطار الجغرافي للعمليات والغارات الإسرائيلية وتعمّد اتباع النمط الأشد تدميراً في البلدات والقرى بهدف مضاعفة الضغط على “حزب الله” للتوقف مع مواجهة إسرائيل.
وقد رسم هذا التصعيد الذي تزامن مع سفر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن علامات شك لجهة أن يكون متعمداً وكرسالة أولية وتمهيدية لتصعيد كبير في لبنان قد يعقب عودة نتنياهو من واشنطن في الثلث الأخير من تموز الجاري إذا استشعر لنفسه “تسامحاً” أميركياً أو “رخاوة” معه في حال قرر القيام بعملية حربية واسعة في لبنان مستغلاً الوضع المتخبط بقوة في الولايات المتحدة بعد محاولة اغتيال المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية الرئيس السابق دونالد ترامب.
كما أن من العوامل التي أدت الى تفاقم القلق حيال الوضع الميداني القائم في الجنوب أن إسرائيل تمعن بوضوح في توسيع وتعميق حالة الدمار أسوة بما تفعله في غزة بحيث صارت بلدات وقرى الجنوب الحدودية نسخة مطابقة عن دمار غزة المخيف ناهيك عن التهجير الواسع الذي يزداد باطراد والذي أصاب ما يوازي المئة ألف جنوبي هجروا بلداتهم وقراهم.
وقبيل وصول نتنياهو الى واشنطن أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن أكد لمستشار الأمن القومي الإسرائيلي ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي الالتزام بأمن إسرائيل، وأكد ضرورة التوصل إلى اتفاق يؤمن إطلاق سراح الرهائن ويخفف معاناة الشعب الفلسطيني. وأضافت الخارجية الأميركية أن بلينكن بحث مع هنغبي وديرمر خطوات حل القضايا المتبقية في المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار، وأكدت أن “بلينكن ناقش أهمية تجنّب التصعيد على طول الحدود الإسرائيلية- اللبنانية والتوصل إلى حل ديبلوماسي”.
وكتبت” اللواء”:في الوقت الذي جدّد فيه الجانب الاميركي على لسان وزير الخارجية انطوني بلينكن دعوة اسرائيل لتجنب التصعيد على طول الحدود الاسرائيلية – اللبنانية، والبحث عن حل دبلوماسي, كانت الانظار تتجه جنوباً، لمعرفة مسارات الوضع مع اشتداد العدوانية الاسرائيلية واضطرار المقاومة للرد بالمسيّرات والصواريخ على المستعمرات الاسرائيلية، القريبة من الحدود، مع تأكيدات قيادة حزب الله، على لسان نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم المضي بالمناصرة والمساندة لغزة، مع تحمل التضحيات، داعياً المخالفين لرأينا ان «يقلعوا عن محاولة طرح افكار تصب في خدمة العدو الاسرائيلي»، على ان يتوضح مسار «ضربات الانهاك» بين اسرائيل وحزب الله، في خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اليوم العاشر من محرم.
وجاءفي افتتاحية” الديار”: يبدو ان كل القوى السياسية كما العسكرية والامنية المعنية بملف غزة وجنوب لبنان سلمت بأن لا هدنة في الافق وبأن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو قرر تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعها الرئيس الاميركي جو بايدن لناحية المهلة القصوى المعطاة لوقف الحرب والتي كان يفترض ان تكون مطلع شهر آب المقبل.
فبحسب مصادر مطلعة على جو حزب الله فان «المرجح ان يكون نتنياهو وبعد التطورات الاخيرة على صعيد الانتخابات الرئاسية الاميركية سلّم بفوز مرشحه المفضل دونالد ترامب بالاستحقاق الاميركي المقبل، لذلك هو لا يبدو في وارد تقديم اي هدية مجانية لبايدن وان كان سيواصل المراوغة من خلال عدم انسحابه من المفاوضات لكنه سيركّز على رمي كرة تعطيل هذه المفاوضات في ملعب حماس».
وتشير المصادر في حديث لـ»الديار» الى ان «نتنياهو يراهن على ان ترامب سيضغط بعد انتخابه وتسلمه مقاليد الحكم لحل يلحظ حصرا المصالح الإسرائيلية ويصوره بطلا كبيرا»، لافتا الى انه بناء على كل ذلك «فان الجميع يستعد لـ6 أشهر اضافية من القتال وان كانت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة دخلت مرحلة ثالثة بحيث لا تلحظ بأي شكل مخططات لاجتياحات برية انما عمليات محدودة لا تستثني المدنيين وبأعداد كبيرة، تماما كما يحصل في الساعات الماضية من خلال استهدافهم في مراكز إيواء وتجمعات للنازحين». وتضيف المصادر: «استمرار الحرب على غزة يعني تلقائيا استمرار المساندة من جبهة جنوب لبنان… اما التهديدات بالحرب الموسعة فما عادت تنطلي على احد نتيجة قوة ردع المقاومة التي بات العدو يحسب لها الف حساب».