بات من السّهل على المتابعين للشأن السياسي الداخلي والخارجي تكوين فكرة أساسية عن المبدأ الذي يحكم المسار السياسي في المرحلة المقبلة، بحيث أنّ هناك سمتين رئيسيتين للتسوية، الاولى أنها ستكون طويلة الأمد بمعنى غير آنية أو مرحلية، والثانية أنها ستكون شاملة.
بحسب مصادر مطّلعة فإنّ أي حديث الآن عن تسوية ما يبدو أمراً واقعياً، مع الأخذ بعين الاعتبار بأنها لن تحصل في المدى القريب إنما على مدى متوسط أو بعيد، وذلك بسبب التعقيدات الكبرى التي تحكم المشهد الاقليمي والعقبات “التعطيلية” التي تسيطر على المشهد اللبناني. لذا، فإن التسوية ستحصل لا محالة إلا أنه من غير الممكن إبرامها خلال وقت قريب.
وتعتقد المصادر أن التسوية ستكون طويلة الأمد، إذ إنها تأتي في لحظة سياسية اقليمية بالغة الأهمية، وهذه اللحظة هي لحظة التسويات الكبرى؛ فالولايات المتحدة الاميركية مثلاً ترغب بإنهاء الاشكالات في الشرق الأوسط للتفرّغ لمشاكلها الداخلية وتنافسها مع الصين وروسيا. كذلك فإنّ السعودية تسعى من جهتها أيضاً لتصفير خلافاتها في المنطقة والتفرّغ لمشروعها الاقتصادي. أما إيران فتريد الحفاظ على كلّ ما أسّست له طوال الفترة الفائتة والبناء عليه للمرحلة المقبلة.
كلّ ذلك يعطي التسوية أمداً طويلاً، بمعنى أدقّ أنها ستُقاس بالعقود وليس فقط بالسنوات، خصوصاً أنها ستأتي أيضاً بعد حرب قاسية لن تكون الدول أو القوى التي شاركت فيها راغبة بتكرارها مجدداً خلال وقت قريب.
السمة الثانية للتسوية، الشمولية، وهُنا نتحدّث عن الجانب اللبناني أيضاً، لأنّ أي تسوية شاملة بمعناها اللبناني لن تشمل فقط التسوية الحدودية التي ستتم بعد انتهاء الحرب على غزّة والترتيبات المرتبطة بالحدود الجنوبية وقواعد اشتباك واضحة ومحددة تؤدي الى استقرار مرحلي ولفترة معيّنة، بل ستنسحب أيضاً على الملفات اللبنانية وتوازنات القوى والقوى الحاكمة وكيفية توزيع الكتل النيابية، بالإضافة الى تسوية اقتصادية ستؤثر بشكل مباشر في عملية إنقاذ لبنان من مُجمل أزماته.
المصدر: “لبنان 24”