قد تكون العلاقة بين “الثنائي الشيعي” بلونيه الأصفر والأخضر مع حلفائه الجدد غير المعلنين رسميًا، أي “التيار الوطني الحر” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” أوسع نطاقًا من التحالفات القائمة بين أركان “المعارضة”، التي لم تستطع أن تنسج تحالفًا وطنيًا فيه الثقل نفسه، الذي استطاع الرئيس نبيه بري “تظبيطه” من خلال مهارته في تدوير الزوايا المسننة و”بردخة” النافر منها، وبالأخص في العلاقة المستجدة بينه وبين النائب جبران باسيل، الذي بدأ ينتهج منذ مدّة سياسة مغايرة لما كان عليه في السابق، بعدما اقتنع بأن سياسة “الرجل في الفلاحة وأخرى بالبور” لم تعد تنفع أمام إصرار “حزب الله” على التمسك بـ “أجندته” السياسية القائمة على عدم التخلّي عن مرشحه، الوزير السابق سليمان فرنجية، حتى ولو بقي البلد من دون رئيس إلى “قيام الساعة”، وذلك على وقع التصعيد المتدّرج في الجنوب ومنه.
فما يسمعه باسيل عبر موفديه إلى “عين التينة” من كلام واضح وصريح بالنسبة إلى الاستحقاق الرئاسي المتقاطع مع الموقف النهائي لـ “حزب الله”، الذي لن يتراجع عنه أيًّا تكن الظروف ومهما بلغ مستوى الضغوطات الخارجية، جعله يعيد حساباته، وهي القائمة أساسًا على فرضية الربح والخسارة، فرأى أن مصلحته السياسية على المديين المتوسط والطويل تلزمه البقاء في محور “الممانعة”، وهو لذلك فضّل الانكفاء التكتيكي في المرحلة الراهنة، وذلك خشية أن يرتكب أي خطأ غير مقصود تجاه “حزب الله”، الذي لم يقفل ولا مرّة الباب في وجهه، على رغم أم مواقف باسيل الأخيرة من “وحدة الساحات” قد أزعجت “حارة حريك” كثيرًا، لكنها كانت متأكدة أنه لن يطول الزمن كثيرًا حتى “يعود إلى قواعده سالمًا”. وهذا ما هو حاصل حاليًا عن طريق ما تمّ تدويره من زوايا على يدي “أمهر مهندس” في هذا المجال.
من هنا يمكن فهم المواقف الأخيرة لرئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع من “التيار الوطني الحر”، بعدما لمس أن لا “نوى” من المراهنة على “الخيل البرتقالي” في السباق الرئاسي، تضاف إليها ما زاده قناعة بعدم جدوى أي حوار بالطريقة، التي يتمّ الترويج لها من خلال تعميمات لبعض المصطلحات السياسية، التي يمكن أن ترسم ملامح المرحلة المقبلة، وما يمكن أن تكون عليه التحالفات المقبلة، والتي تتجه على ما يبدو إلى تركيب تحالف رباعي يعمل عليه الرئيس بري من خلال علاقته الأكثر من جيدة مع كل من “حزب الله” والوزير السابق وليد جنبلاط، بالتوازي مع تنشيط العمل على استيعاب باسيل مع كل ما يحمله من أثقال الماضي.
فاللقاءات بين النائبين علي حسن خليل وغسان عطالله هي شبه دورية، وتتمّ بإشراف مباشر من قِبل كل من الرئيس بري والنائب باسيل، اللذين هما على اطلاع دوري على نتائج ما يتمّ التوصل إليه في هذه اللقاءات الثنائية، والتي تُعقد بعيدًا عن الاعلام، في انتظار استكمال وصل الحلقات بعضها بالبعض الآخر قبل إعلان أي شيء رسمي بالنسبة إلى تحالف مستقبلي يسعى الرئيس بري إلى أن يكون خماسيًا بدلًا من أن يكون رباعيًا. وهذا الأمر يُعمل عليه في الوقت الحاضر، وفق ما توحي به بعض الاتصالات، التي لا تزال خجولة، بعدد من النواب السنّة غير البعيدين عن “الجو الممانع”، وذلك عن طريق إعادة احياء صيغة “اللقاء التشاوري” بعد اقناع النائب فيصل كرامي بجدوى اكتمال حلقات هذا التحالف، الذي على أساسه يمكن خوض المعركة الرئاسية في وجه أركان “المعارضة”، التي لا تزال تراهن على أن ثمة عددًا لا بأس به من نواب “اللقاء الديمقراطي” وكتلة “لبنان القوي” لن يسير في ركب “الممانعة”، وبالأخصّ في ما يتعلق بموضوع ترشيح فرنجية.
المصدر: “لبنان 24”