حربٌ أو لا حرب؟ السؤال هذا يطرح نفسه بشدة بعد ضربة الأمس التي طالت بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل. فمن ناحية، إسرائيل تتهم “حزب الله” بينما الأخير ينفي مسؤوليته، فيما التصعيد يلوح في أفق الجبهة اللبنانية.
عملياً، إن ظلت الأمور على حالها في إطار المناوشات ولم تتدهور الأوضاع نحو الحرب، تبقى هناك 3 تكتيكات لم يُظهرها “حزب الله” حتى الآن خلال معركته في جنوب لبنان ضد إسرائيل، ما يطرح تساؤلات عن قوتها وجدواها وما إذا كان بإمكانها تغيير المعادلات العسكرية.. فما هي هذه التكتيكات؟ ولماذا ارجأ الحزب الأساسي منها؟
تشرح مصادر عسكرية لـ”لبنان24″ تفاصيل هذه التكتيكات، مُفنّدةً إياها ضمن التالي: تكتيك الهجوم المباشر، تكتيك التسلل، تكتيك الحرب الجويّة.
بالنسبة للتكتيك الأول، تقول المصادر إنّه يرتبط بهجماتٍ يجب أن يقودها “حزب الله” ضمن ألوية مُقاتلة وتخوض هجماتٍ مباشرة مع إشتباكاتٍ واضحة مع الجيش الإسرائيلي، وتضيف: “التكتيك هذا لن يتحقق إلا في حالتين، الأولى وهي إقدامُ إسرائيل على شنّ هجوم بري ضد لبنان يلوح به حالياً وبالتالي الاصطدام مباشرة مع حزب الله، فيما الحالة الثانية ترتبط بإقدام حزب الله على شنّ هجومٍ ضمن هذه الألوية في العمق الإسرائيلي وتحديداً ضمن عمق لا يتجاوز الـ1 أو 2 كيلومترات”.
وتكمل: “التكتيك هذا مسؤولة عنه قوّة الرضوان التابعة للحزب، فهذه الفرقة مُجهزة لهذه اللحظة، كما أنّ إمكانية شن هجمات عبرها يعتبر وارداً في أي لحظة في حال قرر الحزب ذلك لحظة حدوث أي حربٍ شاملة”.
ولكن، ما الذي يُمكن أن يعيق هذا التكتيك؟ يشرح المصدر قائلاً إن هناك عوائق يمكن أن تعترض تنفيذ “حزب الله” الهجوم الميداني باتجاه إسرائيل وتحديداً في الداخل هناك، ويضيف: “العائق الأول يتمثل بإمكانية لجوء إسرائيل إلى سلاح الجو من قواعد قد لا تكون تضررت من أي هجمات مُحتملة قد ينفذها حزب الله ضدها. هنا، من الممكن وعند هذا السيناريو أن تأتي طائرات أخرى غير إسرائيلية لتنفيذ هجمات ضد قوات الحزب المتوغلة، ما يعني دخول أساطيل عسكرية جديدة الحرب، وبالتالي انفلاش المعركة جغرافياً وعسكرياً”.
وتتابع: “العائق الثاني يتحدّد في النقاط الجغرافية التي قد يختار الحزب الدخول منها نحو إسرائيل.. هنا، وبشكلٍ أكيد، فإن الحزب درس الميدان من كافة جوانبه، وبالتالي هناك ثغرات يمكن أن يكون قد حددها لتنفيذ الهجمات البرية مع إمكانية صعوبة اكتشافها في البداية، خصوصاً أن طبيعة جنوب لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة تعتبر معقدة، ما قد يؤدي إلى حدوث توغل فعليّ وضمن معايير قتالية محددة. الأهم أيضاً أن هذه الهجمات، وتبعاً للثغرات، يمكن أن تحصل عبر أكثر من نقطة كما أنها يمكن أن تنتهي عبر عودة المقاتلين أيضاً”.
بحسب المصادر، فإنَّ “الثغرة التي سيجري استغلالها للدخول نحو إسرائيل، قد لا تكون ذاتها المكرسة للعودة إلى الداخل اللبناني نظراً لوسع الحدود اللبنانية وامتدادها على مسافة 120 كلم، ما يعني أن إمكانية التوغل والخروج ضمن ثغرات ونقاطٍ محددة قائمة وعلى دفعات”.
التكتيك الثاني المرتبط بالتسلل قد يكون الممهد للأول، لكن بالإمكان حدوثه حالياً حتى من دون وقوع هجماتٍ كبيرة، كتلك التي يهدد بها الجيش الإسرائيلي إثر ضربة مجدل شمس. عملياً، يمكن أن يكون هذا التكتيك قائماً في حالة واحدة وهي إقدام “حزب الله” على استغلال الثغرات الحدودية للدخول نحو إسرائيل والخروج منها وتصوير العملية وبثها تحت عنوان مشابه لفيديوهات “الهدهد”، والقول إنه تمكن من الدخول والخروج من دون أي عوائق.
وفقاً للمصادر، فإنّ عملية بسيطة من هذا النوع ستعني ضربة أكبر لإسرائيل من الناحية النفسية، وقد تؤدي إلى خلط الأوراق مُجدداً على صعيد المفاوضات، فيما ستكون الرسائل من ذلك الأمر قائمة على النحو التالي: الأولى تؤكد أن الحزب قادر على اقتحام إسرائيل رغم كل الاستنفار العسكري، فيما الثانية ستشكف عن هشاشة الإستخبارات الإسرائيلية والقدرات التجسسية، وهذا الأمر قد يمثل إستفزازاً أكبر لإسرائيل”.
التكتيك الثالث والأخير، بحسب المصادر، يرتبط بـ”الحرب الجوية”، وتقول: “صحيحٌ أن حزب الله استهدف طائرات مُسيرة وأطلق صواريخ باتجاه طائرات حربية إسرائيلية، لكن ذلك لا يمثل كل شيء بالنسبة لقدرات الدفاع الجوي التابعة للحزب”.
وتُكمل: “مفهوم الحرب الجوية لا يتحقق فعلياً إلا إذا تمكن حزب الله من تطويق نسبة كبيرة من سلاح الجو الإسرائيلي فوق لبنان ومنعه من تنفيذ مهماته ومناوراته الحربية بشكل كبير. إن تحقق هذا السيناريو، عندها سيكون الحزب قد أثبت معادلة جديدة مرتبطة بحماية الغطاء الجوي اللبناني من هجماتٍ كبيرة، أما في حال لم تصل الأمور إلى هذا الحد، فعندها سيضطر الحزب للالتزام بأسلحته الجوية الحالية والتي يمكن أن تؤدي أغراضاً معينة مثل إسداء ضربة إقتصادية وعسكرية لإسرائيل من خلال استهداف طائرات قيمتها بملايين الدولارات”.
كذلك، ترى المصادر أنّ إسقاط الحزب عدداً من الطائرات خلال أي هجومٍ إسرائيلي على لبنان سيعني تأثر سلاح الجو الإسرائيلي حتماً، وتقول: “هنا، التناسب سيكون قائماً، فمن جهة سيكون الحزب قد أدّى غرضه باستهداف الطائرات واسقاطها، وفي المقلب الآخر قد تتمكن إسرائيل من تنفيذ هجمات جوية تريدها. حُكماً، يأتي التساؤل الأبرز هنا وهو: من سيتأثر أكثر من الآخر بفعل هذه الحرب الجوية؟ الميدان هو الذي سيحكم، وقد تكون تلك المواجهة هي العامل الأساسي للدفع نحو المفاوضات ووقف إطلاق النار في لبنان”.
المصدر: “لبنان 24”