اخبار بارزة لبنان

هل تُقلق تهديدات إيران ونصرالله بالردّ القاسي إسرائيل؟

عمليتا اغتيال كل من القيادي في “الحرس القديم” لـ “حزب الله” فؤاد شكر في عقر دار “المقاومة”، ورئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في قلب طهران، وبفاصل زمني لا يتعدّى الـ 12 ساعة، وإن كانت المسافة بين الحدثين يتعدّى الـ 2000 كيلومتر، هما في واقع الحال عملية واحدة، ولها ارتباط وثيق مع استهداف إسرائيل لميناء الحديدة قبل تسعة أيام ردًّا على قصف تل أبيب. وفي محصّلة هذه العمليات هدف إسرائيلي واحد هو جرّ كل من الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإيرانية إلى حرب مواجهة مفتوحة وشاملة، ولو عن طريق الحلفاء، بعدما ثبت لتل أبيب أن “الحروب التقليدية” هي حروب استنزافية لا تقدّم ولا تؤخّر في المعادلات الاستراتيجية.

وفي اعتقاد بعض الجنرالات في الجيش الإسرائيلي أن هذا التغيير في النظرة الاستراتيجية لمبدأ الحرب المفتوحة قد يدفع بالقيادة السياسية في إيران إلى إطلاق يد كل من “حزب الله” في لبنان، و”أنصار الله” في اليمن، إلى إطلاق وابل من عشرات الألوف من الصواريخ البعيدة المدى واستهداف أكثر من مدينة وموقع استراتيجي في إسرائيل، وهو أمر يصفه هؤلاء الجنرالات بـ “الكارثي” و”الخطير”، خصوصًا أن العمق الإسرائيلي يكون عرضة لهذا الانتهاك الواسع والخطير في تاريخ إسرائيل القديم والحديث، مع ما يمكن أن يحدثه هذا التطور من انقسام أفقي وعمودي في المجتمع الإسرائيلي، الذي يعيش في هذه الظروف ملامح انقسام بين من يؤيد مشروع الحرب المفتوحة وبين الرافضين لهذا المشروع ويدعو إلى “حل الدولتين”.

وما تضمّنته كلمة الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله في تشييع فؤاد شكر من مواقف فصل فيها بين “حرب الاسناد” والردّ الحتمي على عملية الاغتيال، والانتقال إلى مرحلة جديدة من المواجهة لم يكشف عن تفاصيلها وخططها قد تضع حكومة إسرائيل أمام خيارات أحلاها مرّ، وهي الدخول في حرب مفتوحة مع “حزب الله”، وهي التي تدرك ان الذهاب بعيدًا في هذه المواجهة قد تكون مكلفة على مستوى العمق الإسرائيلي وليس فقط على المستوى الشمالي من حدودها، من دون أن يعني ذلك أن لبنان بمجمله سيكون في منأى عن تداعيات هكذا نوع من المواجهة، خصوصًا أن “حزب الله” يواجه حملة اعتراضية داخلية لاستمرار “مصادرته” لقرار “الحرب والسلم”، مع إصرار الحكومة اللبنانية على تطبيق القرار 1701 كقرار متكامل وغير مجتزأ وكحّل نهائي لمشكلة مستعصية قد ينتج عنها مشاكل أكبر وأكثر تعقيدًا، خصوصًا أن مطالبة إسرائيل بإبعاد عناصر “حزب الله” إلى شمال نهر الليطاني قوبلت برفض كلي من قبل “حارة حريك” لهذا المطلب، الذي وصفه مقربون منها بأنه مطلب غير منطقي ويهدف إلى اضعاف الموقف اللبناني في أي مفاوضات مستقبلية متى يحين موعد التسوية، التي تقوم على التزام كل من إسرائيل و”حزب الله” بمضمون القرار 1701.

فهذا القرار وما فيه من مندرجات لا يزال صالحًا حتى أيامنا هذه، خصوصًا أنه يعطي دورًا محوريًا للجيش وقوات الطوارئ الدولية لإرساء استقرار دائم في الجنوب اللبناني وفي الشمال الإسرائيلي، وذلك بالتزامن مع ما يُحكى عن تسوية قد تأتي نتيجة التشنجات الكبيرة، التي تعيشها المنطقة، والتي لا يمكن فصل إيران عن مسارها وتأثيراتها السلبية على مجمل الوضع العام بما يحيط به من التباسات وملابسات بالنسبة إلى المسار التفاوضي الجاري في سلطنة عُمان بين المفاوضين الأميركيين والإيرانيين.

ومع كل هذه المعمعة فإن لبنان المحشور بين سندان عمليات “المقاومة الإسلامية” ومطرقة القصف الاسرائيلي، غير متروك لقدره، بل يحظى باهتمام أممي كبير، حيث تشهد الساحة اللبنانية زيارات مكثفة لمسؤولين في دول كبرى همّها أن يبقى هذا “البلد الصغير المغلوب على أمره” في منأى عن تداعيات أي صراع قد يكون فيه الخاسر الأكبر في معادلات الربح والخسارة.

ويبقى السؤال الأهم في كل هذه المعمعة: هل تقلق إسرائيل من تهديدات إيران و”حزب الله” بالردّ الموجع على اعتداءاتها على “قدس الأقداس”، سواء في طهران أو في الضاحية الجنوبية لبيروت، أما أنها ستقول في سرّها “اجت والله جابها”.

المصدر: “لبنان 24”

Exit mobile version