تزامن وصول الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى تل أبيب وبيروت مع حدثين مفصليين بالنسبة إلى مآل الحرب في غزة، وبالتالي في جنوب لبنان. الأول الاجتماع الثلاثي الأميركي – المصري – القطري، الذي سيعقد غدًا، والذي سيخصص حصرًا لمسألتي وقف إطلاق النار في كل القطاع ولإطلاق الأسرى والمحتجزين لدى حركة “حماس”. أما الحدث الثاني فتمثّل
بالاجتماع الرباعي عبر الفيديو، بمبادرة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وضمه والرئيس الأميركي جو بايدن ورئيسي الحكومة الألماني أولاف شولتز والبريطاني كير ستارمر، تجاوبًا مع مبادرة الرئيس الأميركي بعدما كان قادة الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) المعنية بشكل خاص، أوروبياً، بالملف الإيراني منذ مشاركتها في التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني – الدولي في صيف عام 2015، يتحركون منفردين في إطار السعي لمنع اشتعال أوسع للحرب في الشرق الأوسط منذ الاغتيالين اللذين نفذتهما إسرائيل، في 27 تموز بفارق ساعات قليلة، واللذين راح ضحيتهما القائد العسكري في “حزب الله” فؤاد شكر، ورئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية.
فهوكشتاين المعروف عنه بأنه “إطفائي” من الطراز الأول سيحاول بما لديه من قوة إقناع بألا يأتي ردّ إيران وحزب الله” لينسف المفاوضات الجارية بين طهران والقاهرة والدوحة لبلورة حل يضمن وقفًا نهائيًا للنار في غزة، واستتباعًا في الجنوب اللبناني، بعدما قطعت الاتصالات الديبلوماسية شوطًا مهمًا سعيًا لإقناع “حزب الله” بضرورة فصل أي ردّ له على اختراق إسرائيل لأمن الضاحية الجنوبية لبيروت عن المحادثات الثلاثية. إلا أن “حارة حريك”، التي لم توصد الباب في وجه الذين تواصلوا معها بالطرق الديبلوماسية المعهودة، تركت هذا الباب مفتوحًا نصف فتحة، ولم تعطِ كعادتها جوابًا شافيًا، تاركة جميع الذين تواصلوا معها في حيرة من أمرهم. وهذا الأسلوب يعتمده “حزب الله” في مفاوضاته لإبقاء الطرف الآخر في حال من الترقب لما سيكون عليه القرار النهائي، الذي بات يتراوح بين الميدان والعمل الديبلوماسي، خصوصًا أن أي ردّ من قِبل “الحزب” لن يكون غير منسَّق مع إيران، التي تخضع بدورها لعملية اقناع واسعة، وبالأخص من قِبل الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي. بصرف النظر عمّا إذا كان رد “الحزب” سيسبق الرد الإيراني أو يعقبه، ويعود له التقدير السياسي في ضوء النصائح التي أُسديت له، والتي تتناغم مع التحذيرات الأميركية لطهران التي يُفترض أن تأخذ في الاعتبار المواقف التي صدرت عن المملكة العربية السعودية والأردن بعدم السماح لأي طرف بخرق مجالهما الجوي الذي يشكل اعتداء على سيادتهما، وذلك في رسالة واضحة لطهران وتل أبيب على السواء تؤكدان فيها وقوفهما على الحياد.
ما فهمه المتصلون بـ “حارة حريك” هو أن القرار النهائي بالردّ لم يُتخذ بعد، خصوصًا بعدما أجمعوا في اتصالاتهم على ضرورة تهيئة الأجواء أمام استئناف المحادثات لوقف النار في غزة بعدم مبادرتها إلى توقيت الرد قبل انعقادها لتفادي اتهامها بتعطيلها، بدلاً من أن تشكّل فرصة قد لا تتكرر لحشر رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في الزاوية، خصوصاً أن للحزب مصلحة في التوصل إلى وقف الحرب على القطاع، وهو بادر إلى مساندة “حماس” للضغط على تل أبيب لوقف عدوانها.
أمّا البيان المشترك للدول الغربية فتضمن ثلاث نقاط: الأولى، دعم جهود الرئيسين الأميركي والمصري وأمير قطر من أجل استئناف فوري للمفاوضات بين إسرائيل و”حماس”. والثانية، التأكيد على ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في غزة وإطلاق جميع الرهائن وإيصال المساعدات الإنسانية من دون عوائق.
والثالثة تناولت إيران وشركاءها، وجاء فيها ما حرفيته: “إننا نشعر بقلق عميق إزاء تصاعد التوترات في المنطقة ونحن متحدون في التزامنا بالتهدئة والاستقرار الإقليمي. وفي هذا السياق، وعلى وجه الخصوص، ندعو إيران وحلفاءها إلى الامتناع عن شنّ هجمات من شأنها أن تزيد من تفاقم التوترات الإقليمية وتقوض إمكانية تحقيق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن. وسوف يتحملون المسؤولية عن الأعمال التي من شأنها أن تعرّض هذه الفرصة للسلام والاستقرار للخطر. ولن يستفيد أي بلد أو دولة من المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط”.
المصدر: “لبنان 24”