اخبار بارزة لبنان

خطة الطوارئ الحكومية… شمعة بدلًا من لعنة الظلام

بينما كنت أقرأ مطالعة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بداية جلسة مجلس الوزراء أمس الأول مرّ في بالي أكثر من مشهد في عدّة أفلام أجنبية حينما يسارع أهل البيت أو المصنع أو المزرعة إلى إطفاء النار، التي تلتهم أرزاقهم وتهدّد مستقبلهم ومصدر عيشهم، بما يتوافر لديهم من وسائل، في محاولة منهم للحدّ من انتشار الحريق وإنقاذ ما يمكن إنقاذه والتقليل من نسبة الأضرار في انتظار وصول فرق الإطفاء لإخماد النيران، التي “تأكل الأخضر واليابس”.

فما تقوم به الحكومة من إجراءات احترازية ووقائية تحسبًا للأسوأ قد لا تفي بالغرض المطلوب، وذلك نظرًا إلى ضعف الإمكانات غير المتوافرة أولًا، ونظرًا إلى الوضعين الاقتصادي والمالي اللذين يمرّ بهما لبنان ثانيًا. ولكن وعلى رغم هذا الواقع غير المتكافئ من حيث القدرة على مواجهة ما قد يحّل بلبنان من مآسٍ وويلات نتيجة أي عدوان قد تقوم به إسرائيل في أي منطقة من لبنان، لن تكتفي الحكومة مجتمعة، ومن خلال خطة طوارئ مشتركة بين مختلف الوزارات، بلطم الخدّ وتكتيف الأيدي، بل ستقوم بكل ما أوتيت من قوة ومن إمكانات، ولو خجولة بعض الشيء، للتقليل قدر الإمكان من حجم الخسائر والأضرار.

بهذه الواقعية تعمل الحكومة فيما الاتصالات، التي يجريها الرئيس ميقاتي مع أكثر من جهة خارجية، لم تتوقف من أجل ممارسة الدول الفاعلة أقصى الضغوط على إسرائيل لمنعها من ارتكاب أي حماقة تجاه لبنان، الذي لا يزال يطالب بتطبيق القرار 1701 كحل نهائي ودائم لكي يستتب الوضع على الحدود بينه وبين إسرائيل، التي لم تلتزم بما ورد في هذا القرار الدولي، الذي يُعتبر بوابة الحل الممكن والمتاح.
ولكي لا يُقال “لو” فإن الجهود الحكومية قائمة على قدم وساق لرفع مستوى الاستعدادات والإجراءات الاحترازية تحسباً لاحتمال توسّع الحرب، مع مواصلة رئيس الحكومة عقد سلسلة اجتماعات في السراي الحكومي، في إطار متابعة خطة الطوارئ التي أعدتها الحكومة، مشدّدًا في هذه الاجتماعات “على أن الهم الأوحد الذي يجمع اللبنانيين في هذه المرحلة، هو مواجهة التهديدات الإسرائيلية المستجدة والعدوان المستمر على لبنان منذ أشهر، مؤكدًا “وجوب قيام المجتمع الدولي والهيئات والمنظمات الدولية بواجبهم تجاه لبنان ودعمه في هذه الظروف الصعبة، خصوصاً أنه يرزح تحت أعباء كبيرة جداً بفعل النزوح السوري”.وقال في مستهل “جلسة الطوارئ” إن العدوان والتهديدات الإسرائيلية يجب أن يشكّلا حافزاً إضافياً وأساسياً للتضامن بين اللبنانيين وعدم فتح سجالات جانبيّة ليس أوانها حالياً”، مشيداً “بالمبادرات الأهلية لاستقبال اللبنانيين النازحين”.

وأضاف: “في هذه الظروف الصعبة نحن نحتاج الى تعزيز الوحدة بين اللبنانيين لا الى المزايدات والسجالات العقيمة كالتي سمعناها ونسمعها من قبل البعض، فما تقوم به الحكومة هو منع الانهيار الكامل لهيكل الدولة والحفاظ على انتاجية المؤسسات العامة، ولكن التجني في هذا الملف مستهجن ومرفوض. لأننا نعمل من اجل الغد، ونتحضر بجهوزية لكل طارئ، للوقوف مع اهلنا وان نكون بخدمتهم ونخفف من الام المرحلة واثارها”.

فما تقوم به الحكومة وسط هذا الكمّ الهائل من المشاكل السياسية التي لا تزال تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا الكمّ من المخاطر الأمنية المحتملة، وهذا العبء الذي يتحمّله جميع اللبنانيين نتيجة النزوح السوري الكثيف والضاغط، وهذا الكمّ المتفاقم من الأزمات الاقتصادية، يجب أن يُقابل بالحدّ الأدنى من التضامن، وليس بوضع العصي في دواليب الحكومة لعرقلة حركتها عبر بث كمية هائلة من الشائعات والأضاليل والأكاذيب. وبدلًا من لعنة الظلام، وهي سياسة “دراجة” لدى بعض القوى السياسية التي لا تزال تعيش في كوكب آخر، فليضيء هذا البعض ولو شمعة واحدة في هذا الظلام الدامس.

المصدر: “لبنان 24”