اخبار بارزة لبنان

لبنان بين مطرقة ردّ “حزب الله” وسندان مفاوضات الدوحة

علينا أن نعترف، ولو بتواضع، أن قرار “حزب الله” بتأخير ردّه على عملية اغتيال أحد أهم قادته العسكريين الحاج فؤاد شكر يربك الإسرائيليين ويخيفهم ربما أكثر من الردّ بحدّ ذاته. وهكذا يفعل الإيرانيون المعروف عنهم أنهم لا يأكلون من صحن الانتقام إلا بعد أن يبرد. فالردّ كما تؤكد كل من طهران و”حارة حريك” حتمي، وهو آت حتمي، إن لم يكن اليوم فبعده أو بعد بعده. فلا مساومة لا من قِبل إيران ولا من قِبل “حزب الله” عندما يتعلق الأمر بالأمن الاستراتيجي لكل منهما. فإسماعيل هنية سقط في طهران. والحاج شكر استهدفه صاروخ في مكان اقامته في الضاحية الجنوبية في عملية لا تزال غير مكتملة العناصر بعد الحديث عن عملية مخابراتية بدرجة عالية من الدقة والحرفية، وإن كان الاعلام الحزبي نفى رواية

ما يجب الاعتراف به ليس مجرد خواطر، بل هو واقع تعترف به الصحافة الإسرائيلية نقلًا عن كبار القادة العسكريين، الذين يقولون إن انتظار الردّ هو أصعب بكثير من الردّ أيًّا كان حجمه ومستواه سواء أكان آتيًا من إيران أو من لبنان. وهكذا يكون “حزب الله” قد أصاب عصفورين بحجر واحد.

الأول أنه أبقى الإسرائيليين على أعصابهم لأنهم يعيشون قلق توقيت الردّ الآتي حتمًا من دون أن يعرفوا متى وأين وكيف. والثاني بتجاوبه مع التمنيات الكثيرة عليه بتأخير ردّه إلى حين توصّل مفاوضات الدوحة إلى تسوية تنهي الحرب في غزة وتعيد الأسرى والمحتجزين.

وبغض النظر عمّا ستؤول إليه نتائج مفاوضات الدوحة فإن ردّي إيران و”حزب الله”، وإن كان التأخير الفعلي يعود إلى المزيد من التعمّق في اختيار المكان والزمان المناسبين، سيأتيان منسجمين مع ما صدر من مواقف عالية السقوف سواء على لسان المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله الأمام على الخامنئي أو على لسان الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله ، إلاّ أن إسرائيل ستحاول استغلال هذين الردّين، وإن أتيا محصورين بمداهما الإيذائي على المستويين الميداني والمعنوي، لإدخال لبنان، من خلال “حزب الله”، والمنطقة من خلال إيران، في حرب مفتوحة قد لا تُسجّل فيها نقاط متبادلة، بل سيكون هدف كل من الفريقين توجيه أكثر من ضربة قاضية، وإن كان السيد نصرالله أشار في آخر طّلة له إلى “أننا لا نسعى إلى إزالة إسرائيل من الوجود”، وبالتالي فإن تل أبيب لن يكون بمقدورها القضاء لا على إيران ولا على حلفائها في المنطقة.

فما بين التريث بالردّ وبين الردّ ذاته يبقى لبنان في ثلاجة الانتظار السلبي، إذ أن كل يوم يمرّ قبل بلورة الصيغة النهائية لأي تسوية على صعيد الجبهة الغزاوية، يعيش اللبنانيون أسوأ أيامهم. فمع كل خرق لجدار الصوت تنفذه الطائرات الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية يضع جميع الذين يقطنون على الأراضي اللبنانية قلوبهم على أيديهم، سواء أكانوا في الجنوب، وهو الأكثر معاناة عسكريًا، أو في الشمال أو جبل لبنان أو في السهل. وسبب هذا القلق يعود في الأساس إلى ما يسمعه هؤلاء من تهديدات يومية تصدر عن معظم السياسيين الإسرائيليين والقادة العسكريين بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، إضافة إلى خوفهم من أن يكون الردّ الذي يلوّح به “حزب الله” ذريعة جديدة لتل أبيب لتنفيذ ما تخطّط له يوم قرّرت شنّ حرب عشواء ضد فلسطينيي غزة، من دون أن تُسقط من حساباتها القضاء على حركة “حماس” في القطاع، و”حزب الله” في لبنان، وإن كانت لا تحتاج إلى عملية شبيهة بعملية 7 تشرين الأول لكي تنفّذ مخططاتها في لبنان على غرار ما قامت به في غزة.

المصدر: “لبنان 24”