لبنان

قصة جوليا رمضان.. لبنانية أبكت من انتظر خروجها من تحت الأنقاض

“وين رحتي يا عمري وتركتيني.. الوالدة وأختي بيوم واحد”.. بهذه الكلمات، نعى اللبناني حسن عبد الحميد رمضان شقيقته جوليا الناشطة بالعمل الإنساني ووالدته جنان البابا، عبر حسابه على “فيسبوك”، بعدما قتلتهما غارة إسرائيلية استهدفت منزلهما في بلدة عين الدلب في جنوب لبنان.

بلمح البصر، تحوّل اسم جوليا، 28 عاما، إلى أيقونة في لبنان، فهي التي قضت مع أكثر من 45 شخصا آخرين، بينما والدها عبد الحميد وشقيقها أشرف كانا من عداد الجرحى الذين تجاوز عددهم 70 شخصا.

الصبية جوليا كانت ناشطة في تأمين مساعدات للنازحين وتقوم منصة أنشأتها لهذا الغرض، بتوزيع المنشورات المرتبطة بذلك. وإثر شيوع نبدأ استشهادها، لم يصدق أصدقاء الشابة وفاة “ملاك عين الدلب” كما يطلق عليها.

يوم 29 أيلول كان دموياً في عين الدلب. من تحت الأنقاض، كانت نداءات الإغاثة، جوليا وعائلتها حوصروا تحت الركام بعد القصف، لكن الموت كان أسرع ليخطف حياة الشابة ووالدتها وجيرانهم.

تفاصيل كثيرة تُروى عن المجزرة التي حصلت وعن آخر لحظات عاشتها جوليا وعائلتها. فماذا يقول شقيقها عما جرى؟ ماذا يقول أصدقاء جوليا؟

اتصال واحد غيّر كل شيء
من لبنان إلى الكويت، حصل اتصال واحد غيّر كل شيء. حسن رمضان الذي يقطن خارج لبنان، تلقى الرسالة من أحد الأصدقاء وفيها أن منزل عائلته قد تعرض للقصف بصواريخ إسرائيلية.

“الصدمة كانت كبيرة ودموعي ما نشفوا”.. هذا ما قاله رمضان لبلينكس عن لحظات الفاجعة، مشيرا إلى أن ما حصل “كسر ظهره”.

يشرح رمضان قائلا إنه فور تلقيه نبأ القصف، بادر فورا للاتصال بشقيقه أشرف، ومن تحت الأنقاض أجاب الأخير قائلا “البيت انقصف.. خلو حدا يجي يشيلنا”.

الدقائق التي عاشها حسن لا يمكن وصفها خصوصا أن مصير شقيقته جوليا كان غير معروف، بينما والدته ووالده كانا تحت أنقاض المبنى الكائن في منطقة من المفترض أن تكون آمنة.

المياه لم تُسعف جوليا
خلال وجودها تحت أنقاض المبنى في حي المغارة بعين الدلب، كانت جوليا تطلب المساعدة لإنقاذها. اللحظات كانت صعبة جداً عليها وعلى شقيقها أشرف الذي كان تحت الأنقاض أيضا مع والدته ووالده.

ما إن وصلت فرق الإغاثة لانتشال المدنيين، حتى تم تحديد مكان جوليا وسط صعوبة في الوصول إليها. وفي سبيل إنقاذ حياتها، تم إيصال المياه إليها عبر الأنابيب التي وضعها المسعفون، لكنّها لفظت أنفاسها الأخيرة اختناقا، كما يقول أحد أصدقاء رمضان لبلينكس.

بالنسبة لشقيقها أشرف، فإن إصابته كانت متوسطة، بينما تمكن المسعفون من انتشاله مع والده وهما في صحة جيدة.

أما الوالدة جنان البابا، فكانت في عداد المفقودين أولا، لكن لاحقا تم انتشالها ونقلها إلى مستشفى دلاعة في صيدا، وهناك فارقت الحياة بعدما أصيبت بنزيفٍ حاد مفاجئ، وفق ما يقول نجلها حسن.

نداءات للإنقاذ

أشخاص آخرون كانوا مع جوليا وعائلتها في ذات المبنى، أطلقوا نداءات إنقاذ من تحت الركام عبر هواتفهم وبمقاطع مصورة لا يمكن نسيناها أبدا.

الشاب محمد عبدالله تمكن من توجيه رسالة عاجلة إلى أصدقائه ومناشدتهم الطلب من المسعفين إنقاذه وعائلته، وقال: “نحنا تحت الردم.. أخوي إبراهيم عبد الله حدي وإمي وبيي مش عارف شو وضعهم.. حدا يجي يشيلهم بأسرع وقت.. يجو الدفاع المدني يشيلونا.. نحنا بعين الدلب بحي المغارة بوج جامع الفرقان”.

اللحظات كانت مأسوية بالنسبة لعبدالله، وبعد محاولات عديدة، نجحت فرق الإنقاذ من انتشاله ونقله إلى المستشفى فورا. ومن هناك، ظهر عبدالله في فيديو آخر بعد تضميد جراحه، طمأن كل من يعرفه بأن كافة أفراد عائلته بخير.

مساعدة النازحين.. آخر نشاط لجوليا
قبل ساعات قليلة من وفاتها بالغارة، نشرت جوليا رمضان منشورا عبر حسابها على “فيسبوك” تطلب فيها مساعدة نازحين من جنوب لبنان في مدينة صيدا، وذلك بعدما تركوا منازلهم إبان توسيع إسرائيل هجماتها الجوية والعسكرية على لبنان يوم الإثنين الماضي.

صفحة جوليا كانت منصة لتأمين مساعدات للنازحين ولتوزيع المنشورات المرتبطة بذلك.

أصدقاء الشابة لم يصدقوا وفاتها فوصفوها بـ”ملاك عين الدلب”. نايا حجار، صديقة جوليا، وصفتها عبر “فيسبوك” بـ”الشهيدة والقمر”، وقالت “كيف بتتركيني وحدي وبتفلي.. حرقتيلي قلبي”.

نيرمين عدلوني نعت جوليا في منشور قائلة “بكرتي يا جوجو كتير.. موعودة كنت بفنجان قهوة معك .. جوجو الحلوة شهيدة”.

سحر طالب أيضا عبرت عن حزنها على رحيل جوليا وقالت “شو يعني خلص ما بقى ناطريتني إرجع.. قلتيلي ما بتحبي الوداع بس كيف في يكون الأخير وما تودعيني”.

(بلينكس – blinx)