نشب خلاف جديد بين أطراف الحكومة الإسرائيلية حول المنحة المقررة لسكان المستوطنات الإسرائيلية الشمالية المحاذية للبنان والذين سيتم إعادتهم لمنازلهم، بعد حوالى 14 شهراً، قضوها نازحين في عدة مواقع بالداخل الإسرائيلي.
وما زال نحو 60 ألفًا من مستوطني الشمال، الذين تم إجلاؤهم من منازلهم منذ أكثر من عام، ينتظرون إشارة تسمح لهم بالعودة الآمنة إلى منازلهم، بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان.
أصوات من الحكومة الإسرائيلية، وفق القناة الــ “12” الإسرائيلية، قدرت التعويض بقيمة 100 ألف شيكل، حوالى 25 ألف دولار لكل أسرة، لكن وزارة المالية تهدف إلى تخصيص مبالغ أقل، مماثلة لتلك التي حصل عليها مستوطنو الجنوب، حتى لا يزيد عجز الموازنة.
وكانت المنح المقابلة المقدمة للعائلات التي عادت إلى منازلها في مستوطنات غلاف غزة في العام الماضي أقل بكثير، ففي الجنوب حصلت كل عائلة ما بين 31 و62 ألف شيكل وليس دولار.
ويؤكد المسؤولون الماليون الإسرائيليون، أن نموذج المنحة المدفوعة للمستوطنين بغلاف غزة، سيكون المعيار لنموذج مستوطني الشمال، مع تعديلات مختلفة.
وتثير الخزانة الإسرائيلية، الشكوك حول ما إذا كان من الممكن حتى إيجاد المبررات القانونية، لمنح أعلى بثلاثة أضعاف لمستوطني الشمال، مقارنة بمستوطني الجنوب.
وتزامنًا مع استمرار وقف إطلاق النار على الحدود الشمالية، تستعد وزارة المالية لعملية إعادة تأهيل واسعة النطاق للمنطقة التي تضررت بشدة خلال العام الماضي من القتال.
وفي إطار موازنة الدولة لعام 2025، التي أقرتها الحكومة مؤخرًا، تم تخصيص 15 مليار شيكل، حوالي ثمانية مليار دولار لهذا الغرض، التي سيتم تنفيذها على مدى خمس سنوات.
ومن المتوقع، أن يتم تخصيص 3 مليارات شيكل، حوالي 750 مليون دولار، خلال العام المقبل.
لكن المعركة الحقيقية التي بدأت بالفعل، تكمن بكيفية توزيعها، وما الذي سيتم تضمينه في الميزانية، وما إذا كان من الضروري زيادتها.
وكشفت الدوريات الحكومية في مستوطنات الشمال، عن أضرار جسيمة في الممتلكات والطرق التي دهستها جرافات الآليات العسكرية الثقيلة والمناطق الزراعية التي اشتعلت فيها النيران.
كذلك، فإنّ جزءًا كبيرًا من المستوطنات ما زالت تُعد منطقة عسكرية مغلقة، ما يجعل من الصعب تقييم حجم الأضرار بدقة.
التقارير الإسرائيلية الأولية تتحدث عن 100 وحتى 200 ألف شيكل 25-50 ألف دولار، لكل عائلة ستعود إلى منزلها في الشمال، مع انتهاء الحملة العسكرية وضبط الوضع الأمني.
وتهدف المنح، التي سيتم تقديمها بالإضافة إلى تعويض ضريبة الأملاك عن الأضرار التي لحقت بالممتلكات الخاصة، إلى تسريع عودة عشرات الآلاف من المستوطنين، وفق المصدر.
لكن مبالغ المنح التي تطرح لا تنسجم مع المستوى المهني في وزارة المالية، إذ يُنظر إلى الأمور بشكل مختلف تمامًا.
وزارة المالية تدعم تقديم حوافز كبيرة للمستوطنين الذين سيعودون إلى منازلهم، ليس لأسباب تتعلق بالرفاهية، ولكن لأن تكاليف الإجلاء للمستوطنين كبيرة، إذ تشمل تمويل الإقامة في الفنادق، والمساعدة في الإيجار، ونفقات المعيشة، وكلها تلقي بثقلها على الخزينة العامة.
والنموذج الحالي، الذي يوفر 200 شيكل جديد في اليوم للشخص البالغ، و100 شيكل جديد للطفل، يجعل عملية الإخلاء المستمرة مكلفة للغاية مع مرور الوقت بالنسبة للخزينة.
والتكلفة التي تتحملها السلطات الإسرائيلية لإجلاء عائلة مكونة من 3 أطفال لمدة خمسة أشهر هي بمنزلة منحة لمرة واحدة بقيمة ألف شيكل لكل عائلة.
والمعضلة الآن بين تكاليف النزوح وأيضًا منحة العودة، وتقول الخزانة الإسرائيلية إنها “تتفهم الصعوبة التي تواجهها عائلات المستوطنين التي تعيش لفترة طويلة في غرفة فندق أو الإقامة مع أقاربها”.
وبالتالي، تدعم الوزارة إمكانية إيجاد حلول سكنية مستقلة، لكن موقف الحكومة واضح، وهو أنه بمجرد الحصول على الموافقة الأمنية للعودة وتقديم منحة كبيرة للعودة، لن يكون هناك أي مبرر لمواصلة تمويل الإخلاء.
وفي بداية الأسبوع، نقلت الحكومة المسؤولية الوزارية لهذا الملف، من مكتب رئيس الوزراء إلى وزارة المالية، إذ سيكون الوزير زئيف إلكين، الذي تم تعيينه بمنصب في وزارة المالية إلى جانب الوزير بتسلئيل سموتريش، مسؤولًا عن مجال إعادة إعمار المناطق التي تعرضت للقصف في إسرائيل.
ولم يعرف بعد الحجم الدقيق للأضرار، في مستوطنات الشمال والجنوب.
وتتضمن الخطة، إعادة تأهيل شاملة لشبكة الطرق التي تضررت، بسبب القصف والحركة المكثفة للصواريخ، وتحديث البنية التحتية للكهرباء والمياه التي لم تتلق حتى الآن سوى إصلاحات مؤقتة، وتجديد وإعادة تأهيل المؤسسات العامة والتعليمية، وتعزيز الأمن.
وتم تقديم أكثر من 17 ألف مطالبة لهيئة الأملاك منذ بداية الحرب، منها حوالي 8800 مطالبة بأضرار في المباني، و7000 مطالبة بأضرار لحقت بالمركبات، وفي مجال الزراعة تم رفع 343 دعوى قضائية، وألف دعوى أخرى في فئات أخرى.
إلى ذلك، دفعت الحكومة الإسرائيلية للمناطق العربية والمختلطة حوالى 140 مليون شيكل فقط، وهو رقم هزيل مقارنة بالميزانيات المقررة للمستوطنات من الإخلاء وحتى العودة.
(إرم نيوز)