

تقارير دولية وحقوقية عدّة تحدّثت عن اعتماد التعذيب والضرب في السجون وأماكن الاحتجاز اللبنانية، ضمنها شهادات لأشخاص تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة في مخافر وسجون لبنانية، ما دفع منظمات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان تبني هذه المشاكل ومتابعتها والبحث عن سبل للدفاع عن السجناء والموقوفين الذين يتعرّضوا للإساءة من قبل الاجهزة الأمنية.
آخر فصول هذه التعدّيات فجّره الصحافي فداء عيتاني من خلال مدوناته عبر “godot told us”، متناولا قضية توقيف الممثّل المسرحي زياد عيتاني بتهمة التعامل مع إسرائيل. شرح فداء تفاصيل التعذيب الذي تعرّض له عيتاني اثناء التحقيق معه، وخلال مراحل توقيفه، متّهما الأجهزة الأمنية بالتعدي على زياد بالضرب “طوال النهار والليل كان الضرب هو الاسلوب المتبع لدفع زياد للكلام، والسؤال نفسه حول تعامله مع إسرائيل”.
في هذا الإطار، أشار رئيس المركز اللبناني لحقوق الانسان وديع الأسمر في حديثه لـ”ليبانون ديبايت” الى ان ممارسة التعذيب والضرب التي تلجأ اليها الأجهزة المكلفة إنفاذ القانون لأغراض التحقيق وانتزاع الاعترافات أو لمعاقبة الضحايا على الأعمال التي يُعتقد أنهم قد ارتكبوها. ويشتد الموضوع حساسية في جرائم العمالة، والارهاب، كما يتعرّض الموقوفون في قضايا دعارة أو مثلية جنسية أو مخدّرات أكثر من غيرهم لأنواع التعذيب، لكن ليس هناك موقوف محمي من تلك الأساليب، ولا جهاز بريء منها”.
تحدّث فداء عيتاني عمّا تعرّض له الموقوف زياد عيتاني من قبل جهاز أمن الدولة، ليؤكد الأسمر ان كافة الأجهزة الأمنية اللبنانية متورّطة في استخدام اسلوب الضرب والتعذيب لحث المتهم على الاعتراف بأفعاله. الاّ ان دراسات عدّة اثبتت انه بعد التعرّض للضرب يمكن للمتهم الاعتراف بأفعال لم يقم بها، لأن فظاعة التعذيب لا يشعر بها الا من يتعرّض لها، وهي تدفع المتهم لقول أي شيء يرضي المحقق”.
وعن القوانين التي تجرّم التعذيب والضرب أثناء التحقيق، يقول الأسمر، اسلوب التعذيب أصبح استراتيجية ممنهجة تعتمدها الأجهزة، وكانت قبل سنوات تبرر بعدم وجود قوانين في الدستور اللبناني يجرّمها. والأمر يقتصر على اتفاقيات أو منظمات الدولية، وجمعيات تعنى بحقوق الانسان، الى ان تم تعديل قانون تجريم التعذيب، حتى باتت أحكامه واضحة تمنع التذرع بأية ظروف استثنائية أياً كانت كمبرر للتعذيب. حتى التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى رتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب، بالتالي أصبح التعذيب اثناء التحقيق جريمة في القانون اللبناني.
“من المؤسف ان نسمع عن التعذيب الذي تعرّض اليه عيتاني أثناء التحقيق، خصوصا بعد اقرار قانون تجريم التعذيب، لأن ما حصل انتهاكا لهذا القانون، وعلى المدّعي العام فتح تحقيق فوري في هذا الخصوص، وما حصل مع عيتاني يحصل كل يوم, ما على الدولة اتخاذ الاجراءات اللازمة لمعالجة هذه المشكلة”, يضيف الأسمر.
يوضح رئيس المركز ان الشكاوى في مواضيع التعذيب أو الضرب أثناء التحقيق، يمكن ان تقدم مباشرة أمام المدعي العام أو أمام قاضي التحقيق، هذا ما فعله عيتاني في تصريحه أمام القاضي عن تعرّضه للتعذيب من قبل جهاز أمن الدولة. وكان على المدعي العام فتح تحقيق فوري, وطلب طبيب لفحص عيتاني والتحقيق بحقيقة تعذيبه, وكف يد الجهة المسؤولة عن التحقيق وتحويله الى جهاز آخر, محايد.
أما المشكلة الأساسية، بحسب الأسمر، هي ان بعض القضاة ومسؤولين في الاجهزة الأمنية تحوّلت أهدافهم الى دعائية، حتّى يسمع باسمهم عبر الاعلام، جهاز فلان قام بضبط شبكة ارهابية، جهاز فلان أوقف أكبر شبكة بتهمة عمالة، غير مكترثين بما هو أهم من ذلك”. ويلفت الى ان من يلجأ الى جمعيتنا نساعده في حالتين، إذا اراد فضح تعرّضه للتعذيب، نسانده في تقديم شكوى أو فضح القضية عبر الاعلام، وإذا فضل التكتم على التعذيب، ينضم الى مراكز التأهيل الخاصة بنا، لمتابعته نفسيا لمساعدته الاندماج في المجتمع بشكل طبيعي.
ليبانون ديبايت