في لبنان مبنى بدير وحمدان في صيدا يلعب مع الموت

في محلة البوابة الفوقا في مدينة صيدا، يقع مبنى بدير وحمدان الآيل بفعل التشققات والانهيارات إلى السقوط، على رؤوس عشرات المواطنين. بلدية صيدا جددت تحذيرها السكان بضرورة اخلاء المبنى، بعدما أنذرتهم قبل نحو عام. بينما قاطنو المبنى يجازفون بحياتهم مع عدم توفر البديل السكني والايجارات المرتفعة.

يتألف المبنى من 8 طوابق، ويضم كل طابق 3 شقق. وهناك محال تجارية وعيادات طبية. سكانه لبنانيون وفلسطينيون ونازحون سوريون. أخيراً، راحت الشقوق والتصدعات، لاسيما في الطوابق الأرضية، تتسع. والصدأ نال من الحديد. يجري الجنزوري، وهو أحد شاغلي المبنى، تجربة تدل على الهشاشة، فيلكم جداراً داخلياً فتنهار ورقة الباطون ويظهر الحديد. تثنيه جارته عن محاولة أخرى كي لا يقع المبنى. في “لعبة الموت”، كما كتب على خزان مياه في المبنى، يجري سباق لتفادي حصول كارثة.

ووفق بلدية صيدا، كشفت الدائرة الهندسية فيها على التصدعات الكبيرة. ما يستوجب تحركاً عاجلاً، خصوصاً لجهة تدعيم المبنى وترميمه، خصوصاً طوابقه السفلية.

ماذا يقول السكان؟

يقطن محمود أبو سلطانية منذ سنوات في شقة في المبنى المهدد، ويرفض الاخلاء. “ما بضهر من بيتي حتى ولو هبطت البناية، يتفضلوا يأمنوا لي مسكناً بديلاً”. محمود بحث عن منزل آخر، لكنه خلص إلى أن “ايجارات الشقق نار وكله غلا. أنا عامل بسيط من وين بجيب؟ أفضل الموت في بيتي ولا أن أتشرد”. وتقول جارته “عايشين بخوف وقلق، وليس لدينا إمكانية استئجار منزل آخر. وما حدا بموت قبل ما يخلص عمره، حتى ولو كنتم ببروج مشيدة وعاجية”.

عبارة “ما منترك بيتنا قبل إيجاد البديل، ومامعنا مصاري”، تبدو قاسماً مشتركاً لدى معظم سكان المبنى. وتشير نازحة سورية تقيم في المبنى منذ ثلاث سنوات إلى تصدع كبير في سقف المنزل وإلى تسرب المياه. وآخرون يشيرون إلى خطر إضافي مع تسرب المياه بفعل التصدعات إلى التمديدات الكهربائية الداخلية. أما يحيى حبيش فيملك شقة سكنية ومحلاً لبيع الطيور، فيوضح أن المبنى بحاجة إلى ترميم. وكلفة ذلك تصل إلى مئات الآلاف من الدولارات و”المشكلة هي عدم قدرتنا على تأمين هذا المبلغ”.

ويوضح رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي، في حديث إلى “المدن”، أن “القوى الأمنية قد تضطر إلى اخراج سكان المبنى بالقوة، حفاظاً على أرواحهم. وقد قلنا لهم مراراً حياتكم مهددة. ويبدو أنهم غير مكترثين بالمخاطر المحدقة بهم”. يضيف: “ربما ينتظرون الدولة لترميم المبنى، لكن الدولة لا تصلح أملاكاً خاصة، ولا يوجد أي مسوغ قانوني يتيح ذلك لها أو للبلدية”.

ويشير السعودي إلى أن البلدية منفتحة على أي اقتراحات. و”حاولنا أن نجتمع مع سكان المبنى، فلبى بعضهم وبعضهم لم يحضر. وهناك سكان قبلوا أن يصلحوا وآخرون رفضوا”. وفي رأي رئيس البلدية، إن المشكلة هي مع المستأجرين، “والإيجارات القديمة. فمالكو الشقق لن ينفقوا أموالهم على ترميم شقق مقابل ايجارات قديمة يحصلون عليها من المستأجر. وربما يفضلون هد المبنى. وهذا أوفر لهم”. ويؤكد السعودي “عدم استطاعة البلدية تأمين بديل سكني، فهي لا تملك مجمعات أو شققاً سكنية. لكننا نتابع موضوع اخلاء المبنى مع محافظ الجنوب وقائد منطقة الجنوب الاقليمية في قوى الأمن الداخلي. وفي النهاية، يجب اخراجهم بالقوة حفاظاً على سلامتهم وحياتهم، ولأننا معنيون بحمايتهم”. يشير السعودي إلى أن البلدية تقدر كلفة ترميم المبنى بـ200 ألف دولار، بينما هناك تقدير آخر يشير إلى أن الكلفة هي 300 ألف دولار.

ما العمل إذاً؟ في الطابق الأرضي للمبنى المهدد بالسقوط يقع مركز الحزب الشيوعي منذ عقود. عضو في الحزب كان يهم بدخوله يعلق ساخراً: “التأميم هو الحل”.

المدن