القضية – الفضيحة: ما هو لغز الدقائق الخمس في قضية زياد عيتاني؟

توقفت الصحف الصادرة اليوم عند براءة الممثل المسرحي زياد عيتاني من التهمة التي لفقت له بالعمالة لاسرائيل، وإطلاقه بعد توقيفه 111 يوماً، وتوقيف المقدّم سوزان الحاج بعدما واجَهها قاضي التحقيق العسكري الاول رياض أبو غيدا مع المقرصن إيلي غبش.

وأشارت “المستقبل” إلى أن القاضي أبو غيدا، وبعدما استكمل تحقيقاته مع الموقوفين المقدم الحاج والمقرصن غبش، تبيّن له زيف الادعاءات التي سيقت ضد عيتاني بتهمة التعامل مع إسرائيل بعد قرصنة حسابه الإلكتروني، فقرّر إخلاء سبيله وإصدار مذكرتي توقيف وجاهيتين بحق الحاج وغبش إثر جلسات استجواب ماراتونية كانت قد بدأت صباح الإثنين مع غبش وانتهت بعد ظهر الأمس مع الحاج وتخللتها مواجهة بين الموقفين اتسمت بالحدة في ضوء إصرار كل منهما على موقوفه، الحاج على براءتها وغبش تأكيداً لعمله في القرصنة لصالحها.

وفي وقت آثر عيتاني عدم الخوض في تفاصيل القضية أمام الإعلام بانتظار انتهاء التحقيق القضائي مكتفياً بتأكيد براءته على أن يكشف القضاء لاحقاً كل الوقائع التي أحاطت بفبركة ملفه وتوقيفه، أكد مصدر قضائي لـ”الشرق الأوسط”، أن قرار إطلاق سراح عيتاني، أثبت أن العدالة تحمي الجميع، وأن القضاء هو ضمانة كل اللبنانيين، لافتاً إلى أن الملف جرت معالجته وفق المعطيات القضائية والأدلة الجديدة التي توفرت لشعبة المعلومات، بعيداً عن الاعتبارات السياسية، معتبراً أن القضاء قام بواجباته وصوّب مسار القضية، وأزال الغبن الذي لحق بزياد عيتاني.

ألغاز وأحجيات

من جهتها، قالت “الأخبار” إن “القصة بدأت بعد توقيف إيلي غ. الذي كان يعمد إلى مهاجمة عدد من المواقع الرسمية. القاضي هاني حجار، وهو معاون مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، أعطى إشارة بالتوقيف في ملف آخر. عُثر في حاسوب إيلي غ. على ملف يحمل اسم عيتاني، كان يتضمّن الاسم وكلمة المرور (nelly jaminson). هو الاسم الذي استُخدم لقرصنة حاسوب عيتاني. سئل إيلي عن هذا الملف (فولدر)، فأجاب بأنه يعمل مخبراً لدى أمن الدولة. لاحقاً، اكتشف المحققون أن الرسائل التي أرسلها القرصان عبر هذا الاسم إلى عيتاني لم يفتحها الأخير ولم يقرأها نهائياً ولم يعلم بوجودها، لكون المُرسل لم يكن من ضمن لائحة الأصدقاء على صفحته على فايسبوك. وقد اعترف القرصان بأنّه عمد إلى خرق حاسوب عيتاني بناءً على طلب المقدم الحاج للانتقام منه. وقد عُثر في هاتفه على رسائل صوتية ومحادثات مكتوبة مع الحاج تتعلق بعيتاني. وبحسب اعتراف إيلي غ. والأدلة لدى المحققين، يكون هو وسوزان قد فبركا ملفّاً بجرم التعامل مع إسرائيل لمواطن لبناني! هذا القرصان، بالتعاون مع المقدم، ضلّلا جهازاً أمنياً ودسّا أدلة مفبركة للإيقاع بمواطن بتهمة لا تُشبه أي تُهمة: العمالة للعدو، أي ما يعادل حبل المشنقة في أيّ دولة تحترم نفسها وشعبها”.

وكشفت “الأخبار” أن “عيتاني لم يكن وحده الضحية. ذلك ليس استنتاجاً، بل هو مستند إلى وثائق رسمية. فمحاضر التحقيقات التي تربو على 400 صفحة تزخر بـ”المآثر”. من هجوم إلكتروني مركّز على حسابات وزير الداخلية نهاد المشنوق مروراً بمحاولة فبركة ملفّ تعامل آخر لصحافي وصولاً إلى فبركة جرائم بالجملة. وبحسب مصادر التحقيق، هناك عدد من الجرائم التي لم تقع فعلاً، دَفَع ثمنها أبرياء بتخطيط من القرصان والضابط. العسكري المتقاعد آيزاك دغيم (اتهم وسجن بتهمة العمالة) واحدٌ من هؤلاء الضحايا. وهنا، يجدر بالأجهزة الأمنية، وعلى رأسها فرع المعلومات، إعادة مراجعة جميع الملفات التي أشرفت عليها سوزان الحاج لكشف الارتكابات التي قامت بها عندما كانت على رأس مكتب مكافحة الجرائم الإلكترونية. ليس في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي فحسب، بل في جميع الأجهزة. كل هذا يخلق الشكّ في عشرات الملفات التي جرى فيها توقيف أشخاص اتّهموا بالعمالة والإرهاب ولا يزالون قيد التوقيف، لأنهم لم يجدوا من يلتفت إليهم في موسم الانتخابات أو لم تُسعفهم الصدفة أو سباق الأجهزة في كشف الفبركة، لا سيما أنّ هناك من يقول إنّ صراعاً محموماً بين الأجهزة قد يكون يقف خلف نصب الفخّ لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، سواء إطاحة الحاج أو ضرب صدقية جهاز أمني آخر، لكن الأصدق إنباءً هو الدليل الأقوى. وهنا تجزم مصادر التحقيق بتورّط الحاج، لكن المعلومات تتحدث عن ضغوط سياسية كبيرة تمارس على وزير الداخلية والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان وعلى قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا ومفوض الحكومة بيتر جرمانوس لترك الحاج بذريعة أنّها لم تعترف بما أُسند إليها”.

أضافت “الأخبار”: “أمس، أمر القاضي أبو غيدا بتخلية عيتاني وأصدر مذكرة توقيف في حق المقدم سوزان الحاج. فخرج زياد ترافقه ملابسات كثيرة. تحدث عن الدقائق الخمس الأولى التي اعترف خلالها من دون تعرّضه للضرب، لكنه لم يكشف تفاصيلها قائلاً إنها بحوزة أبو غيدا. إلا أن مصادر التحقيق كشفت أنّ عيتاني، عندما سأله محققو فرع المعلومات عن السبب الذي دفعه إلى اختلاق السيناريو الذي حبكه خلال التحقيق الأولي في أمن الدولة، أجاب بأنّ ضابطاً مفتول العضلات أدخله إلى غرفة جدرانها مدهونة بالأسود. طرحه أرضاً وداس على رقبته ثم هدّده قائلاً: “سأُحضِر ابنتك لفسخها أمامك إن لم تعترف”. وأثناء وجوده على الأرض، لمح عيتاني ملفاً كُتب عليه أمن الدولة، فعلم أنّ لا مفرّ أمامه سوى الرضوخ لهم. عندها سرد عيتاني ما سرده. بهذا برر اختلاق السيناريو الذي ضمّنه فخاخاً لنقضها لاحقاً بسهولة أمام قاضي التحقيق. وعلى ذمة المصادر الأمنية والقضائية، أكد أنه لم يضرب “في الأيام الثلاثة الأولى”. في اليوم الرابع، تعرض عيتاني للضرب. حجة المحققين أنه كان قد زوّدهم بمعلومات كاذبة. (هكذا) بدا واضحاً أن عيتاني، ومنذ اليوم الأول لتوقيفه، قرر منح المحققين ما يُريدون. بدءاً من التحويلات المالية التي اخترعها وصولاً إلى الفيديو الجنسي الذي لم يُعثر عليه، وصولاً إلى التقارير التي كان يُرسلها، كما اختلق اسم كوليت من لا شيء. أما رسمها التشبيهي، فذكر أنّه تعمّد إعطاء المحققين رسماً لامرأة بعيبٍ خلقي في وجهها، بعدما كان قد شاهد فيلماً وثائقياً على قناة الجزيرة، ذُكر فيه أنّ العميل يُنتقى من دون علامة فارقة. ليس هذا فحسب، واحدة من الفضائح التي تضمنها الملف صور لأربع فتيات سُحبت عن الانترنت، إحداها لصحافية لبنانية وأخرى لزوجة كاتب لبناني مقيم في الولايات المتحدة، دوّن المحققون أنّها “لمن يُعتقد أنّها تعود لكوليت”، عميلة الاستخبارات الإسرائيلية المزعومة”.

لبنان24