من تابع التطورات المرتبطة بملف قيادة الجيش في الايام الاخيرة، والحديث السياسي والاعلامي المستجد المفاجئ عن”انقلاب حكومي” أو ما شابه، لاعتقد” أن قوات الثورة الحكومية” بقيادة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إحتلت إحدى ثكنات الجيش وتستعد للهجوم على وزارة الدفاع لاعلان “البيان رقم واحد”.
فيما حقيقة الامر بكل بساطة، أن رئيس الحكومة أراد مسبقا التحوط للشغور المرتقب في موقع قيادة الجيش مع احالة العماد جوزيف عون على التقاعد في العاشر من شهر كانون الثاني المقبل.
وعلى هذا الاساس بدأ رئيس الحكومة اتصالاته وعقد اجتماعا مع وزير الدفاع موريس سليم، للبحث في الملف، وتوافق معه على اعداد اقتراح يُرفع الى مجلس الوزراء للنقاش واتخاذ القرار. وخلال الاجتماع طرح وزير الدفاع موضوع تعيين قائد جديد للجيش ضمن سلة متكاملة من التعيينات، فكان جواب رئيس الحكومة أن هذا الامر دونه، في مرحلة الشغور الرئاسي، محاذير طائفية وأنه لا يمكن تجاوز مواقف المرجعيات المعنية في ملف بهذه الاهمية.
انتهى الاجتماع يومها بتوافق على ان يعد وزير الدفاع اقتراحا متكاملا ضمن فترة زمنية محددة، الامر الذي لم يحصل، فعاد رئيس الحكومة وطالب وزير الدفاع ، في كتاب رسمي، ب”رفع اقتراحات لتفادي الشغور المرتقب في مركز قيادة الجيش”، الامر الدي لم يحصل حتى الساعة، لا بل حضر سليم الى السرايا غاضبا، لابلاغ رئيس الحكومة احتجاجه على مضمون الكتاب الذي وجهه اليه.
والمفارقة في هذا الصدد ان وزير الدفاع، سارع امس، وعشية جلسة الحكومة المقررة اليوم، الى توجيه كتاب الى رئيس الحكومة، تعمّد تعميم نسخة منه على “الغروب الخاص بالوزراء” عبر الواتساب، قال فيه “أننا نقوم بالمقتضى عبر الإجراءات الإدارية”، من دون اي التزام عملي باي اقتراح .
اوساط حكومية معنية لخصت موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالقول:” منذ اليوم الاول الذي طُرح فيه هذا الملف في الاتصالات السياسية والحكومية، كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي واضحا لجهة التأكيد ان هذا الموضوع يتطلب توافقا حيال اي قرار سيتخذ منعا لادخال البلد في اي انقسام جديد. ويكرر رئيس الحكومة انه ،في ظل الشغور في منصب رئيس الجمهورية وتولي الحكومة تصريف الاعمال وصلاحيات الرئيس، لا يمكن ان يقبل رئيس الحكومة باتخاذ اي قرار قد يعتبره اي مكوّن لبناني تحديا له، وعلى هذا الاساس كان قراره برفض طرح تعيين قائد جديد للجيش.
أما بشأن الخيارات الاخرى المطروحة لتلافي اي خلل في الجيش في هذه الظروف الصعبة ، ومنها اقتراحات القوانين المعروضة على جدول اعمال الجلسة التشريعية في مجلس النواب ، فان موقف رئيس الحكومة الثابت هو الحفاظ على الاستقرار الحالي في قيادة المؤسسة العسكرية وعدم تعريض الجيش لاي خضة، لا سيما وان الاعتراض الذي يظهره البعض حيال القيادة الحالية للجيش ليست مرتبطة بالاداء العام بل باعتبارات وحسابات شخصية، من شأنها، اذا ما تم الخضوع لها ولرغبات اصحابها، ان تدخل الجيش والبلد في متاهات لا تحمد عقباها”.
وعلى هذا الاساس، تتابع الاوساط الحكومية، كلف مجلس الوزراء الامين العام للمجلس القاضي محمود مكيّة باعداد دراسة مفصلة، باتت جاهزة ، وهي تتضمن المخارج والاليات القانونية لكل الخيارات المتاحة”.
وتشدد الاوساط الحكومية على” ان الموقف الثابت لرئيس الحكومة في مقاربة طرح الملف حكوميا ، هو تأمين التوافق المسبق على الموقف الذي سيتخذ وتحصينه ، لعدم تعريض مجلس الوزراء لاي شرخ قد يعطّل اتخاذ القرار وتعطيله، وينعكس بالتالي سلبا على الحكومة، التي نجحت رغم كل الظروف الصعبة التي مرت بها في تأمين استمرارية الدولة وعمل مؤسساتها”.
وتشير الاوساط ” الى ان رئيس الحكومة يعتبر أن الاولوية هي لبت ملف الجيش حكوميا، وفي حال تعذر ذلك فيمكن لمجلس النواب، الذي يضم مختلف الشرائح اللبنانية، وبعضها غير ممثل في الحكومة، أن يتخذ القرار الذي يوصل الى الهدف ذاته، وهو حماية الجيش وصون وحدته”.
وتتابع الاوساط “إن نظرية المؤامرة غير موجودة الا في مخيلة مطلقيها، فالحكومة تقوم بدورها ومجلس النواب ايضا. الهدف الاساس هو صون مؤسسة الجيش”.
وتختم الاوساط بالقول ” جلسة مجلس الوزراء اليوم ستنعقد بجدول اعمال يتضمن قضايا تتعلق بالموظفين ، وفي حال وجد رئيس الحكومة، بعد جوجلة اتصالاته المكثفة خلال الساعات الماضية وقبل موعد الجلسة، ان ملف قيادة الجيش جاهز للطرح حكوميا، فسيطرحه من خارج جدول الاعمال، والا فان مجلس النواب الذي يستأنف جلساته التشريعية بعد الظهر، يمكنه اتخاذ القرار الذي يرتأيه في ضوء اقتراحات القوانين ذات الصلة المقدمة من عدد من النواب والكتل”.