شكل التصعيد المتواصل على الحدود اللبنانية الجنوبية مع اسرائيل الحدث الثابت في مسار الواقع اللبناني في الأيام الأخيرة والأسبوع الأخير من السنة الحالية. وعلى رغم معالم الاطمئنان النسبي التي عكستها حركة شبه طبيعية للوافدين اللبنانيين من بلدان الانتشار الى لبنان عشية الأعياد، ظلت أنظار الأوساط المحلية المعنية، كما الأوساط الديبلوماسية مشدودة الى مصير المساعي المحمومة المتعددة الجانب الجارية للتوصل الى هدنة إنسانية، طويلة نسبيا هذه المرة، في غزة تعول عليها هذه الأوساط مجتمعة أهمية كبيرة لتبريد الجبهة الجنوبية وتخفيف الاخطار المتزايدة لاتساع المواجهات على النحو الذي اقلق الجميع في الأيام الأخيرة.
وكتبت” النهار”: ما بدا لافتا في هذا السياق تمثل في تحديد الرئيس ميقاتي عقب زيارته امس لبكركي ولقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي موقفا من الوضع القائم في الجنوب يتجاوز مسألة توقف المواجهات الميدانية الى النزاع الحدودي كلا بين لبنان وإسرائيل. وهو الامر الذي اثار تساؤلات عما اذا كان ثمة تفاهم ضمني بين رئيس الحكومة وحزب الله حيال تحديد هذا الموقف. فقد قال ميقاتي “تحدثنا خلال اللقاء ( مع البطريرك الراعي) أيضا عن الوضع في الجنوب وشرحت لغبطته ما يحصل وأكدت ان الحل موجود وهو في تنفيذ القرارات الدولية، من اتفاقية الهدنة بين لبنان والعدو الاسرائيلي، والقرار 1701، وكل القرارات الدولية، ونحن على استعداد للالتزام بالتنفيذ شرط ان يلتزم الجانب الاسرائيلي وينسحب، بحسب القوانين والقرارات الدولية، من الاراضي المحتلة”.
وكتبت” نداء الوطن”: تلاشت الآمال في أن تنعم الحدود الجنوبية بهدنة ارتباطاً بهدنة مماثلة في حرب غزة. ما يعني أنّ فترة الأعياد ستراوح في ظل استمرار التدهور جنوباً وعجز الدولة عن فرض مشيئتها تاركة ورقة السلم والحرب في يد «حزب الله».
ويأتي انسداد أفق الهدنة جنوباً بعدما خلا قرار مجلس الأمن أمس من أي ترتيبات لوقف النار في القطاع الفلسطيني، والذي سيطبّق تلقائياً في جنوب لبنان. كما أنّ آخر الأنباء من إسرائيل أفاد بأنّ الدولة العبرية تعتزم نشر لواء غولاني على حدودها الشمالية بعدما سحب من غزة. ورأى المراقبون في هذا السياق، أنّ هناك سباقاً مع الوقت في الأسابيع القليلة المقبلة من أجل التوصل الى تطبيق القرار 1701 أو توسيع رقعة الصراع.
وعلمت «نداء الوطن» من مصادر ديبلوماسية، أنّ البحث في تطبيق هذا القرار، صار مرهوناً بحرب غزة وسير المعارك فيها. وقال إنّ البحث الجدي في شأنه، ينتظر جلاء الصورة في غزة، التي على ما يبدو لن تشهد وقفاً قريباً لإطلاق النار لوجود رغبة اميركية بهدنة انسانية قصيرة، وليس وقفاً لاطلاق النار. ولذا فشلت المساعي في إقرار وقف لإطلاق النار بالصيغة التي أعدّتها مصر وتقدمت بها دولة الإمارات.
واستبعدت المصادر زيارة قريبة للموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين للبنان. وهذه الزيارة إن حصلت ستكون مؤشراً الى تحرّك ملف الترسيم البري للحدود بين لبنان وإسرائيل. وقالت: «إنّ هوكشتاين الطرف الوحيد الذي تكلم جدياً على تطبيق القرار 1701، وهو مكلّف رسمياً من الرئيس بايدن بالسعي لتطبيقه. وفي المقابل، سلّم لبنان هوكشتاين مطلبه بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي تحتلها في لبنان».
وقال مصدر ديبلوماسي طلب عدم كشف هويته لوكالة «فرانس برس» إنّ المقترحات لتجنّب صراع شامل آخر تشمل تسوية الحدود البرية المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان وتشجيع «حزب الله» على سحب مقاتليه من قرب الحدود.
وكتبت” اللواء”: في أول موقف من نوعه، لم يخفِ رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي من بكركي، ان الحل موجود بالنسبة للوضع في الجنوب، وهو يكمن «في تنفيذ القرارات الدولية» من «اتفاقية الهدنة» (1949) الى القرار 1701(بعد حرب تموز 2006)، وكل القرارات الدولية، ونحن على استعداد للالتزام بالتنفيذ شرط ان يلتزم الجانب الاسرائيلي وينسحب حسب القوانين والقرارات الدولية من الاراضي المحتلة».
مصادر مطلعة أكدت لـ»البناء» بأن الحديث عن ترتيبات وصفقات واتفاقات على الحدود غير واردة قبل انتهاء الحرب في غزة وتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب. مشيرة الى أن هذا الاندفاع الدبلوماسي الغربي باتجاه لبنان لنجدة ««إسرائيل» وانتزاع ضمانات أمنية لها يعكس المخاوف الجدّية على مصير الكيان الإسرائيلي بعد ضربة 7 تشرين والضربات المتلاحقة في جولات القتال في غزة، وكذلك الأمر في جنوب لبنان، ويعكس أيضاً خشية الكيان من الجبهة الجنوبيّة وما يخطط له حزب الله، ولذلك هو يريد «السترة» لا توسيع الحرب، وكل تصعيده الجويّ يهدف للتغطية على هذه المخاوف وعلى عجزه عن إيجاد حلٍ لهذه المعضلة ومحاولة يائسة لتطمين سكان الشمال الموجودين حالياً والمهجّرين منه.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أنه مع دخول البلاد في عطلة الأعياد فإن كل الملفات ترحَّل إلى العام المقبل في حين يسود الترقب بالنسبة إلى تطور الجبهة الجنوبية والضغط الدولي من أجل القرار ١٧٠١.
ولفتت المصادر إلى أن الرئيس ميقاتي تحرك في سياق التأكيد على أهمية تنفيذ القرارات الدولية.
وكتبت” الديار”: الامر الخطر الذي يطرحه الاميركيون والفرنسيون من مخطط لجنوب لبنان، فهو اعترافهم بان الجيش غير قادر على الدخول الى الجنوب وملء فراغ حزب الله. لذلك تريد واشنطن وباريس ان تنتشر فقط قوات اليونيفيل في جنوب الليطاني، دون اي وجود للجيش ،وهو مخطط يمس السيادة اللبنانية بشكل فاضح. هذا السيناريو الذي يركبه الاميركيون والفرنسيون دون اي تعاط او تفاوض مع حزب الله لابعاده الى شمال الليطاني، هو سيناريو غير واقعي. اضف على ذلك، رأت الاوساط المقربة من المقاومة ان السيناريو الذي تريد تطبيقه الولايات المتحدة الاميركية لضمان امن «اسرائيل»، يصطدم باستراتيجية الحزب الذي يضع من ضمن خططه الدخول الى الجليل، وفقا لسير المعركة بين كتائب القسام والجهاد الاسلامي وبين جيش الاحتلال في غزة. وهنا رأت هذه الاوساط ان واشنطن وباريس منفصلتان عن الواقع، خصوصا ان امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله اعلن ان جبهة الجنوب تساند المقاومين في غزة، وما لم تنته حرب غزة فالمواجهة مع العدو الاسرائيلي ستستمر. واضافت ان مقاومي حزب الله مهيَّؤون ومدربون للعبور الى داخل فلسطين، وربما ابعد من الجليل في حال اخطأ العدو الاسرائيلي في حساباته، كما ان حزب الله لن يعطي هدايا في ظل المعاناة التي يعيشها اهل غزة.