كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، أن الشكوك تتزايد في أوساط القيادة العسكرية العليا في إسرائيل بشأن إمكانية تحقيق الهدفين الرئيسيين للحرب على غزة، وهما “القضاء على حركة حماس، واستعادة أكثر من 100 أسير لا يزالون محتجزين في غزة”.
ونشرت الصحيفة، السبت، تقريراً مطولاً تضمّن خلاصة خطط سرية للعمليات العسكرية، وإفادات 4 من القادة العسكريين، بشأن سير الحرب، بالإضافة إلى مسؤولين سياسيين إسرائيليين، رفضوا جميعاً الكشف عن أسمائهم.
وقالت الصحيفة إن “الجيش الإسرائيلي فرض سيطرته في غزة على جزء أصغر مما تصوّره في خطط المعركة منذ بداية الحرب”، موضحة أنّ “الخطط الإسرائيلية تضمّنت السيطرة على مدن غزة وخان يونس ورفح، بحلول أواخر كانون الأول الماضي، وهو ما لم يتحقق”.
وأضافت الصحيفة أن “وتيرة تقدم الحملة العسكرية كانت أبطأ من المتوقع، ودفعت عدداً من القادة العسكريين الإسرائيليين إلى التعبير عن إحباطهم من استراتيجية القيادة السياسة بشأن غزة”.
كذلك، بدأ القادة العسكريون بالاعتقاد أن “استعادة الأسرى المتبقين في القطاع ستكون ممكنةً فقط من خلال الدبلوماسية بدلاً من الوسائل العسكرية”.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن قادة عسكريين إسرائيليين قولهم إن “استعادة الأسرى وتدمير حركة حماس، أصبحا الآن هدفين غير متوافقين”.
كذلك، أوردت “نيويورك تايمز” تصريحات أدلى بها عضو كابينت الحرب الإسرائيلي غادي آيزنكوت، تتقاطع مع ما صرّح به القادة العسكريون، وأقر فيها آيزنكوت بـ”عدم تحقق أهداف الحرب”، مؤكداً أنه “من الوهم الاعتقاد بأنه يمكن استعادة الأسرى أحياء من خلال العمليات العسكرية”.
وأشارت إلى أن القادة العسكريين الإسرائيليين كانوا يعتقدون قبل الحرب أن شبكة الأنفاق التي بنتها حركة حماس تمتد 100 ميل (160 كلم) فقط، ولكنهم يقدّرون الآن أنها ربما تمتد لمسافة 450 ميلاً (725 كلم).
وبحسب الصحيفة، تقدّر إسرائيل أن “هناك ما لا يقل عن 100 ميل من الممرات تحت خان يونس وحدها. وفي مختلف أنحاء غزة، هناك ما يقدر بنحو 5700 فتحة تؤدي إلى الشبكة، مما يجعل من الصعب للغاية فصل الشبكة عن السطح”.
وقد تسبب هذا الواقع في توقف الجيش الإسرائيلي عن “محاولة تدمير كل فتحة نفق يجدها”، حيث “يستغرق تحديد موقع كل نفق وحفره وقتاً طويلاً، فضلاً عن كون العديد من هذه الأنفاق مفخخة”.
ونقلت “نيويورك تايمز” عن المسؤولين الإسرائيليين أن “المأزق الإستراتيجي أدى لتفاقم إحباط الجيش بشأن تردد القيادة السياسية”، حيث قال هؤلاء إن “المعركة الطويلة الهادفة لتدمير حماس ستكلف على الأرجح حياة الأسرى في غزة”.
كذلك، نقلت الصحيفة عن خبير الحرب في جامعة كينجز كوليدج في لندن أندرياس كريج، قوله: “إنها ليست بيئة يمكنك فيها تحرير الأسرى.. إذا ذهبت إلى الأنفاق وحاولت تحريرهم بالقوات الخاصة، أو أي شيء آخر، فسوف تقتلهم.. إما أن تقتلهم بشكل مباشر أو غير مباشر”.
كذلك، عبّر العسكريون الإسرائيليون للصحيفة عن خشيتهم من أن يؤدي طول الحملة العسكرية، من دون خطة لما بعد الحرب، إلى تآكل ما تبقى من دعم حلفاء “إسرائيل”، مما يحدّ من استعدادهم لتزويدها بذخيرة إضافية.
وأشارت “نيويورك تايمز” إلى أنه مع حلول منتصف كانون الثاني الجاري، لم تبدأ القوات الإسرائيلية في التقدّم نحو مدينة رفح، كما أنها لم تتمكن بعد من إخراج مقاتلي حماس من خان يونس، علماً أن كلا المدينتين تقعان جنوبي قطاع غزة.
ولفتت إلى عودة مقاتلي حماس إلى شمالي قطاع غزة في الأيام الماضية بعدما قال الجيش الإسرائيلي إنه فرض سيطرته على المنطقة وسحب منها نصف قواته التي كانت منتشرة، والمقدّرة بنحو 50 ألف جندي.
وفي سياق متصل، رأى العقيد في الاحتياط كوبي ميروم في تصريح للقناة 13 الإسرائيلية، أنه بعد 3 أشهر ونصف من خوض 7 ألوية القتال في خان يونس، لم ينجح “الجيش” الإسرائيلي في العثور على قيادة حماس، ولم يصل إلى الأسرى.
واعتبر ميروم أن هناك عاملين فاجآ “الجيش” الإسرائيلي، هما قوة الأنفاق تحت الأرض، وتصميم حماس، قائلاً: “أنا اسمع من يتحدث عن انهيار حماس، حماس لم تنهار، ومستمرة بالعمل”.
وتابع ميروم: “من الناحية الاستراتيجية من الصحيح نقل الجهد إلى الشمال. للقضاء على حماس يجب احتلال القطاع ومحور فيلادلفيا وإدخال حجم كبير من القوات، لكن الجيش الآن، وبحق، يجب أن ينقل الجهد إلى الشمال”.
(الميادين نت)