اخبار بارزة عرب وعالم

لماذا يصرّ نتنياهو على اجتياح رفح؟

ذكر موقع “الجزيرة” أنه فجر الاثنين الموافق 12 شباط الجاري، شهدت مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، سلسلة من الغارات العنيفة أوقعت ما يزيد على مئة شهيد وعشرات الجرحى، في عملية أطلق عليها الجيش الإسرائيلي “اليد الذهبية” زعم أنه تمكن خلالها من تحرير اثنين من أسراه في قطاع غزة.

ورغم علامات الاستفهام الكثيرة المحيطة بتفاصيل وظروف هذه العملية، فإنها شكلت دافعًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لدعم نواياه بتعميق العملية العسكرية نحو هذه المدينة المكتظة بالنازحين جنوب القطاع، رغم كل التحذيرات الدولية من مذبحة مؤجلة في رفح.

ماذا تريد إسرائيل من رفح؟
تسارعت، منذ مطلع شباط الجاري، وتيرة التصريحات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي حول عزمه تعميق العدوان على غزة باتجاه مدينة رفح، حيث أكد أنه أوعز للجيش بإعداد الخطط العسكرية اللازمة لتوسيع الهجوم ضد رفح وإعداد خطط ميدانية لنقل مئات آلاف النازحين من رفح.

ورغم البيانات الرسمية السياسية التي حذرت تباعًا من تطوير العدوان نحو رفح، سواءً من دول عربية أو أوروبية، والموقف المصري المتحفظ، لا يبدو أن نتنياهو يبالي بحجم الإدانات الدولية، يمضي قدمًا في الترويج للهجوم المرتقب على رفح، متسلحًا بالموقف الأميركي الذي لا يعارض العملية لكنه يشترط “سلامة المدنيين” وفقًا لتصريحات الرئيس جو بايدن.

الهجوم على رفح
باستحضار جملة المفاجآت التي شكلتها معركة “طوفان الأقصى” منذ بدايتها، لا يبدو خيار اجتياح مدينة رفح مستبعدًا، رغم كلفته السياسية والعسكرية العالية على الاحتلال أمام العالم.

ويأتي ذلك في ظل الإجماع الواضح على التهديد الذي يشكله هذا الهجوم على أرواح مئات آلاف النازحين، وفي ظل موقف مصري متوجس رسميًا من فكرة توجيه هذه الكتلة البشرية نحو الحدود، أو فكرة اختراق معاهدة كامب ديفيد بشن عملية عسكرية في المنطقة التي نصت الاتفاقية على كونها منزوعة السلاح من الجانبين.

ولكن السقف المرتفع الذي وصل إليه الاحتلال في عدوانه، وهزالة أي ردود أفعال دولية، لا تشكل إلا تشجيعًا له على مواصلة عدوانه.

وبين كفتي التفاؤل والتشاؤم، ترجح فكرة شن الاحتلال عملية موضعية في رفح، قد تكون عبر السعي لاختراق المدينة من جنوبها الشرقي والتمركز على أنقاض مطار غزة الدولي، والانطلاق منه للتوغل على الحد الفاصل والسعي لعزل قطاع غزة عن مصر، أو شن عمليات سريعة موضعية لضرب ما يعتقد أنها أهداف عسكرية لحركة حماس وفصائل المقاومة.

سيناريوهات في مواجهة الاجتياح

موقف مصري من معاهدة كامب ديفيد
مع التلويح الإسرائيلي بشن عملية عسكرية في رفح، تواترت تصريحات مسؤولين مصريين تهدد بتعليق معاهدة السلام مع “إسرائيل” وفقًا لما نقلت وكالة أسوشيتد برس، وتزامنت هذه التصريحات مع تحريك الجيش المصري 40 دبابة وناقلة جنود باتجاه شمال سيناء، وتسريعها عمليات تحصين الجدار الحدودي الفاصل مع قطاع غزة.

الموقف المصري وسيناريو إلغاء معاهدة كامب ديفيد، قد لا يبدو خيارا مطروحا بجدية في الوقت الراهن، خصوصًا إذا اتصل بتاريخ طويل من الخروقات الإسرائيلية للمعاهدة، ولكنه ورغم تبعاته على مصر أيضا بحرمانها من المعونة الأميركية السنوية التي فرضتها المعاهدة، يشكل ورقة ضغط لناحية تعجيل التوصل لوقف النار، أو تحجيم العملية العسكرية المزمعة في رفح.

توسيع نطاق المواجهة الإقليمية

تشكل عملية اجتياح رفح، حال انطلاقها، معضلة عسكرية وإنسانية لقطاع غزة، وتفتح الأبواب على مصاريعها لسيناريوهات التهجير القسري والنكبة الجديدة لسكان القطاع، وهو ما تدركه حركة حماس جيدًا وحلفاؤها بالإقليم، والذي قد يتطلب منهم تصعيد سقف المواجهة مع الاحتلال على جبهات لبنان واليمن لتلافي النتائج الكارثية للهجوم.

وبالنظر إلى المعطيات الحالية، ومع عدم مقدرتنا على التنبؤ بسقف الاتصالات والتنسيق بين حماس وأركان “محور المقاومة” يبدو هذا السيناريو لتوسيع رقعة المواجهة واردًا وقادرًا على خلط الأوراق بالمنطقة، وكبح جماح نوايا إسرائيل باجتياح رفح، وإلزام حلفاءها بالتدخل لمنع انجرار المنطقة لحرب إقليمية واسعة.

انقلاب الموقف الأميركي أو حراك دولي
رغم التصريحات الإعلامية الأميركية، والأحاديث الصحفية عن انزعاج إدارة بايدن من الموقف الإسرائيلي المتصلب، تبدو واشنطن حتى اللحظة بعيدة عن اتخاذ موقف فارق تجاه الاحتلال، وأما الموقف العربي والأوروبي فيواظب على توجيه بيانات رسمية تحذر من تبعات الهجوم على رفح.

كما أن تصاعد المظاهرات والفعاليات الشعبية في دول العالم، والتبعات السياسية والقانونية لقرار محكمة العدل الدولية، والذي كان آخره قرار محكمة هولندية بوقف تصدير قطع طائرات “إف 35” لـ “إسرائيل” يصب بشكل متراكم في إيجاد حالة ضغط قد تصل إلى نقطة اللاعودة، وتتسبب بقرارات دولية ضد إسرائيل ترغمها على وقف العدوان.