اخبار بارزة لبنان

طريق بعبدا مقفلة بدواليب المواقف…متى تُزال؟

لا شيء يوحي بأن رئيسًا عتيدًا لجمهورية سينزل قريبًا على اللبنانيين من فتحات مداخنهم كما يفعل “بابا نويل” في اسطورة ذكريات الطفولة المنسية. فالملف الرئاسي مطوي، إن لم نقل منسيًا في الظرف الراهن، إذ يُلاحظ أن لكل فريق خارجي أو داخلي مشاغله واهتماماته، والتي يرى كل واحد منهم أنها تشكّل أولوية بالنسبة إليه، فيما هم قليلون الذين يتوافقون على أن الاستحقاق الرئاسي يأتي كأولوية مطلقة قبل أي أولويات أخرى مهما كانت نسبة أهميتها بالنسبة إلى البعض.

وفي مراجعة سريعة لمواقف الخارج والداخل من الاستحقاق الرئاسي يتبيّن للقاصي والداني أن لا أحد بالتحديد يريد إتمام الاستحقاق الرئاسي اليوم قبل الغد، إلا إذا تمّ الاتيان بالرئيس الذي على ذوق فلان أو علتان. أمّا إذا استُبعد خياره من المعادلة الرئاسية فإن من بعده الطوفان.
فإذا توقف أي مراقب عند البيانات المتتالية لـ “اللجنة الخماسية”، وآخرها لم يمضِ عليه أكثر من أسبوعين فقط، يلاحظ أنها تأتي في سياق “اللهم أني بلّغت”، من دون أن تبذل هذه الدول ما يستحقه هذا الاستحقاق اللبناني من اهتمام استثنائي. وقد يفهم البعض التحرّك الفرنسي القديم – الجديد، عبر موفدها الرئاسي جان ايف لودريان، من زاوية “رفع العتب”، باعتبار أن ليس لدى باريس ما تقدّمه للبنانيين من حلول سحرية بغض النظر عمّا إذا كان في مقدورها التحرّك بمعزل عن واشنطن، خصوصًا في ظل الاهتمام الأميركي المنصّب بكليته حاليًا على ما يجري في غزة، وما يمكن أن ينتج عن الحرب الدائرة في القطاع بعدما ضربت تل أبيب بقرار محكمة العدل الدولية بعرض الحائط.

أمّا الأطراف المحليون، ويأتي “حزب الله” في طليعة المؤثرّين منهم في الملف الرئاسي، يمكن لأي مراقب الاستنتاج بأن ربطه ملف الوضع المتفجّر بالجنوب بالحرب الدائرة في غزة، ومدى تأثير مفاعيل هذا الربط على مجمل الوضع الداخلي، ويأتي الملف الرئاسي على رأس المواضيع التي تتأثّر سلبًا بهذا الربط المرهون بمدى التزام إسرائيل بما تُطَالب به لوقف حربها على غزة. إلا أن الوقائع الميدانية لا توحي بأن هذه الحرب ستضع أوزارها في المدى القريب المنظور. وهذا يعني أن معاناة أهل القطاع مستمرة إلى ما لا نهاية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أهل الجنوب الصامدين في قراهم، التي تتعرّض يوميًا لقصف عاصف ومدمّر، وهذا يعني أيضًا وأيضًا أن الطريق التي تصل “ساحة النجمة” بقصر بعبدا لا تزال مقطوعة بدواليب المواقف المتشنجة، إلا إذا استعمل “حزب الله” جرافاته السياسية لإزالة ما تجمّع من دواليب على الطريق الرئاسي. وهذا يعني بالمفهوم السياسي أن حظوظ مرشحه الوزير السابق سليمان فرنجية باتت متقدمة في الخيارات الدولية وبعض الخيارات المحلية. إلا أن الاطلالة الأخيرة لرئيس تيار “المردة” كشفت عكس هذا التوجه، وهو بدا أكثر تشاؤمًا من ذي قبل بالنسبة إلى حظوظه الرئاسية.

في المقابل، فإن موقف “المعارضة”، وبالأخص موقف “القوات اللبنانية”، معروف من القاصي والداني، وهي تطالب “اللجنة الخماسية”، بما لديها من نفوذ وقوة تأثير، بالعمل على فصل الملف الرئاسي عن أي ملف آخر، وبالأخص الوضع المتفجّر في غزة، حيث تفيد المعلومات الميدانية أن الحرب على القطاع لن تتوقف في المدى القريب. ولذلك فإن لبنان لا يمكنه الانتظار طويلًا على قارعة الطرقات.

من هنا تأتي لمطالبة بعقد جلسة انتخابية مفتوحة بدورات متتالية سينتج عنها حتمًا رئيس للجمهورية، مع التشديد على أن لا مانع لدى قوى المعارضة بالذهاب إلى مشاورات سياسية نائية أو ثلاثية على غرار المشاورات، التي سبقت التمديد لقائد الجيش ولسائر القادة الأمنيين بين “القوات” والرئيس نبيه بري، على رغم إصرار رئيس المجلس على الحوار غير المشروط، وهو حوار ترفضه هذه القوى.
وهذا الأمر يزيد المقتنعين اقتناعًا بأن الوقت ليس وقتًا رئاسيًا.

المصدر: “لبنان 24”