اخبار بارزة عرب وعالم

لماذا من الصعب إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة؟.. تقرير لـ”The Hill” يُجيب

ذكرت صحيفة “The Hill” الأميركية أنه “في 22 أيار، عقد رؤساء وزراء إسبانيا والنرويج وإيرلندا مؤتمراً صحفياً مشتركاً أعلنوا فيه رسمياً أن حكوماتهم على استعداد للاعتراف بدولة فلسطينية ذات سيادة. ورغم أن هذه الخطوة رمزية إلى حد كبير، إلا أنها مهمة، لأنها تأتي وسط الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد حماس في قطاع غزة. ومن الناحية العملية، فهو أمر خطير بلا شك، أولا وقبل كل شيء، على الفلسطينيين أنفسهم. لنضع جانباً للحظة الأبعاد الأخلاقية لمنح حماس السيادة الفلسطينية كمكافأة على هجومها في السابع من تشرين الأول، فالمشكلة الأخرى، التي لا تحظى بالقدر الكافي من الاهتمام، تتلخص في الوضع القانوني والسياسي الراهن الذي قد يسود بين إسرائيل والفلسطينيين بمجرد إقامة الدولة”.

وبحسب الصحيفة، “في الوقت الحالي، تتمتع السلطة الفلسطينية بإعانات سخية، بما في ذلك من الولايات المتحدة، لقواتها الأمنية، في حين تتولى مسؤولية محدودة فقط للحفاظ على النظام في الضفة الغربية. وفي الواقع، فإن السلطة الفلسطينية نفسها معرضة للخطر إلى حد كبير. ففي شهر آذار الماضي، أوضحت صحيفة معاريف الإسرائيلية أنه في السنوات الأخيرة، شارك أعضاء في جهاز الأمن الرسمي التابع للسلطة الفلسطينية في أعمال عنف متطرفة ضد إسرائيل، في المتوسط، كل أسبوعين. أما في غزة فإن الوضع أسوأ كثيرا، حيث تحكم المنطقة حركة حماس التي تعهدت مرارا وتكرارا ببذل كل ما في وسعها للقضاء على إسرائيل”.

وتابعت الصحيفة، “سوف يصبح هذا الوضع غير قابل للاستمرار عند “إقامة الدولة”. ينص القانون الدولي العرفي على أن الدولة ذات السيادة يجب أن تضمن حماية الدول المجاورة من الأضرار النابعة من داخل حدودها. إذا كانت دولة ما غير راغبة أو غير قادرة على القيام بذلك، فمن واجبها أن تطلب المساعدة الدولية أو تواجه العواقب، بما في ذلك استخدام القوة. وقد فسرت الدول هذا المبرر القانوني على أنه يسمح بتوجيه ضربات تكتيكية على أراضٍ أجنبية، ومن المرجح أن تستخدمه إسرائيل كأساس لعمليات مكافحة الإرهاب الواسعة النطاق في كل أنحاء الأراضي الفلسطينية. ومن الناحية العملية، فإن هذا يعني أن الدولة الفلسطينية الوليدة ستجد نفسها في حالة حرب مع إسرائيل المجاورة على الفور تقريبًا”.

وأضافت الصحيفة، “من ناحية أخرى، ستجد الدولة الفلسطينية نفسها محرومة فجأة من الإعانات التي يتمتع بها الفلسطينيون حاليا. قبل 7 تشرين الأول، زودت إسرائيل الأراضي الفلسطينية بما يقرب من ثلث احتياجاتها من الوقود، وفرص العمل المباشر لأكثر من 100 ألف عامل، والتوظيف غير المباشر لعشرات الآلاف الآخرين. كل ذلك سينتهي مع إنشاء “فلسطين” رسميًا، ولن تكون إسرائيل ملزمة بعد الآن بدعم الكيان الجديد، سواء اقتصاديا أو غير ذلك. وفي الوقت نفسه، فإن الوضع الذي يترك حماس في السلطة غير مقبول بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى. ومع ذلك، فإن البديل الوحيد المتاح في الوقت الحالي، أي حكومة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فقد أثبتت عدم قدرتها على توفير الرخاء الفلسطيني بشكل حقيقي”.

وبحسب الصحيفة، “لا تحظى السلطة الفلسطينية بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين. وفي استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في نيسان 2024، أعرب ثلثا المشاركين في الاستطلاع عن “اعتقادهم بأن السلطة الفلسطينية أصبحت الآن عبئًا على الشعب الفلسطيني”، وفضل غالبية الذين شملهم الاستطلاع حلها بشكل مباشر. وهذا يعني أنه في غياب التغيير الداخلي الجاد فإن “فلسطين” سوف تصبح أشبه بدولة فاشلة منذ البداية، الأمر الذي يتطلب استثمارات مكثفة ومشاركة من المانحين الدوليين لعقود من الزمن”.

وتابعت الصحيفة، “تفسر هذه العوامل، بالإضافة إلى عوامل أخرى لا تعد ولا تحصى، السبب وراء معارضة الولايات المتحدة، على الرغم من كونها مناصرة ثابتة لـ “حل الدولتين”، إنشاء دولة فلسطينية على المدى القريب. وهي أيضاً الأسباب التي تجعل المجتمع الدولي يمتنع عن التعامل معها وكأنها دولة ذات سيادة، على الرغم من اعتراف 142 دولة حتى الآن رسمياً بفلسطين. ومن المؤكد تقريباً أن أياً مما سبق لم يأخذ في الاعتبار الحسابات الإسبانية أو النرويجية أو الأيرلندية، التي يبدو أنها مدفوعة بدافع تخفيف المعاناة الحالية في غزة بأي وسيلة ضرورية. ولكن إذا كانت تلك الحكومات وغيرها مهتمة حقاً بمساعدة الفلسطينيين، فإن النهج الأكثر فائدة يتلخص في الضغط من أجل تحقيق التنمية المستدامة والحكم المسؤول”.

وختمت الصحيفة، “في ظل الوضع الحالي، ينبغي على المدافعين عن الدولة الفلسطينية أن يكونوا حذرين للغاية بشأن ما يرغبون فيه”.

المصدر: “لبنان 24”