اخبار بارزة عرب وعالم

بعد هجوم إسرائيل على إيران.. هل سنشهد على “حرب شاملة”؟

يقول محللون لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية إن الهجوم الإسرائيلي الانتقامي على إيران صباح السبت يمثل بداية مرحلة جديدة وأكثر خطورة في الصراع المستمر منذ سنوات بين البلدين، لكن يبدو أنه حتى الآن على الأقل لم يصل إلى حد إثارة “حرب شاملة”.

وكانت هذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها إسرائيل علناً بإجراء عملية عسكرية داخل إيران، بعد سنوات من الحفاظ على الصمت الاستراتيجي حول اغتيالاتها وأعمال التخريب على الأراضي الإيرانية.

كذلك، فإن العملية التي نفذتها إسرائيل، كانت، بحسب الصحيفة، هجوماً نادراً من قبل أي سلاح جو أجنبي على إيران، منذ حربها مع العراق في 1980.

صراع مفتوح

وعلى الرغم من أنها كانت لحظة مهمة، إلا أن الهجوم لم ينتج عنه على الفور تهديداً إيرانياً بالرد، مما خفف المخاوف من أن اثنين من أقوى الجيوش في الشرق الأوسط كانتا على وشك صراع لا يمكن السيطرة عليه.

وقالت إيلي غيرانمايه، الخبيرة الإيرانية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وهي مجموعة بحثية مقرها برلين: “لقد دخلت سنوات حرب الظل صراعاً مفتوحاً بالكامل، حتى وإن كان صراعاً مُداراً ومتداركاً، في الوقت الحالي”. وأضافت: “يمكن لطهران أن تبتلع هذه الضربات ضد المنشآت العسكرية، من دون أن تنتقم بطريقة تدعو إلى مزيد من العمل الإسرائيلي”.

وبعد أسابيع من الضغوط من الولايات المتحدة لتقليص نطاق هجومها، تجنبت إسرائيل ضرب مواقع تخصيب نووية حساسة ومنشآت لإنتاج النفط رداً على وابل كبير من الصواريخ الباليستية التي أطلقتها إيران على إسرائيل مطلع الشهر الجاري.

ويوم السبت، ركزت الطائرات المقاتلة الإسرائيلية بدلاً من ذلك على ما يقرب من 20 منشأة عسكرية، بما في ذلك بطاريات الدفاع الجوي ومحطات الرادار ومواقع إنتاج الصواريخ، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين.

التقليل من أهمية الهجوم

وسمح تركيز الضربات الإسرائيلية نسبياً للمؤسسات الإيرانية بالتظاهر بالحياة الطبيعية صباح يوم السبت، حيث أعادت هيئة الطيران فتح المجال الجوي الإيراني، وبثت وكالات الأنباء الحكومية صوراً ولقطات للحياة تعود إلى طبيعتها.

كل الدلائل، كما يقول المحللون، تدل على أن القيادة الإيرانية تحاول التقليل من أهمية الهجوم الإسرائيلي وتقليل التوقعات المحلية برد إيراني كبير.

وقال يوئيل جوزانسكي، الخبير الإسرائيلي في شؤون إيران في معهد دراسات الأمن القومي، وهو فريق بحثي مقره تل أبيب: “هذه بداية مرحلة جديدة، مرحلة خطيرة، مع العديد من الحساسيات… لكن ما يُقال في إيران وما يتم تداوله الآن بأن الضربات لا تعني شيئاً”.

ونتيجة لذلك، أضاف: “من الممكن أن يغلق الجانبان هذه الجولة على الأقل، ولن نرى رداً إيرانياً، أو إذا رأينا ذلك، فسيكون صغيراً في الحجم وضعيفاً في القوة”.

ومع ذلك، حذر محللون من أنه حتى لو انحسر التصعيد الأخير، فقد دفع إيران وإسرائيل أكثر على طريق نحو صراع لا يمكن السيطرة عليه.

ضربة أكبر

لسنوات، خاض البلدان حرباً سريةً قوض فيها كل جانب مصالح الآخر وقدم الدعم لخصوم الآخر، بينما نادراً ما يتحملون المسؤولية عن هجماتهم. وتحول هذا الصراع السري إلى مواجهة مفتوحة عندما اندلعت الحرب العام الماضي بين إسرائيل وحركة حماس، حليف إيران في قطاع غزة.

وبعد أن أطلق الهجوم الذي قادته حماس في إسرائيل في تشرين الأول الماضي العنان لحرب إسرائيل المدمرة في غزة، بدأ وكلاء إيران الآخرون في الشرق الأوسط، بما في ذلك حزب الله بلبنان، بضرب إسرائيل تضامناً مع حليفهم الفلسطيني. في المقابل، كثفت إسرائيل هجماتها على المصالح الإيرانية في جميع أنحاء المنطقة، مما أدى إلى تبادلات مباشرة بين البلدين، أولا في أبريل (نيسان) والآن في أكتوبر (تشرين الأول).

ويخشى بعض المحللين من أن إسرائيل، على الرغم من تقييدها نسبياً للضربات يوم السبت، كانت تمهد الطريق لضربة أكبر بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في أوائل تشرين الثاني.

وسيؤدي التصويت إلى انتقال للسلطة يتضاءل خلاله نفوذ واشنطن وتركيزها على الصراع بين إيران وإسرائيل.

ومن خلال إلحاق الضرر بالدفاعات الجوية الإيرانية ونظام الرادار، سهلت إسرائيل على طائراتها المقاتلة مهاجمة إيران في المستقبل، وهي خطوة قد تردع طهران عن الرد بقوة، أو تشجع إسرائيل على محاولة المزيد من الهجمات، أو كليهما.

وقالت غيرانمايه، في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو: “سيتنفسون الصعداء في جميع أنحاء إيران والمنطقة لأن الولايات المتحدة تمكنت من كبح جماح نتانياهو في الوقت الحالي، لكن الخوف هو أن يكون هذا ضبطاً مؤقتاً إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، إذ يمكن أن تكون مرحلة البطة العرجاء المقبلة لحظة نرى فيها تجدد الهجمات الإسرائيلية داخل إيران، كنافذة ذهبية متصورة لزيادة استنفاد القدرات الإيرانية”.

(24)