ارتفعت حصيلة القتلى جراء الاشتباكات الدامية في شمال غربي سوريا إلى 211 شخصاً، وفقاً لما أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان مساء الخميس. واندلعت المواجهات، التي تعد الأشد منذ سنوات، في محافظة حلب يوم الأربعاء الماضي، إثر هجوم واسع شنته جماعات مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام على مواقع تابعة للنظام السوري، تحت اسم “ردع العدوام”
وأفاد المرصد، ومقره لندن، أن القتلى يشملون 129 عنصراً من المسلحين و82 من القوات السورية وحلفائها. وأضاف أن المسلحين تمكنوا من قطع طريق رئيسي يربط بين العاصمة دمشق ومدينة حلب، مع إحرازهم تقدماً نحو المدينة التي تعد مركزاً استراتيجياً في الشمال السوري.
وأشار المرصد إلى أن القتال العنيف تسبب في تفاقم الوضع الإنساني والأمني في المنطقة، مع تزايد المخاوف من امتداد المواجهات إلى مناطق أخرى. ولم تتوفر حتى الآن معلومات مستقلة لتأكيد التفاصيل.
وفي تصعيد غير مسبوق وصفت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) الهجوم بأنه “انتهاك صارخ لاتفاقية خفض التصعيد”، مشيرة إلى أن الجماعات المسلحة استهدفت مواقع عسكرية في عدة قرى وبلدات.
وأكدت القوات السورية في بيان لها أنها تصدت للهجوم، متسببة بخسائر كبيرة في صفوف المهاجمين من حيث العتاد والأرواح، بمساندة من القوات الصديقة.
في حين أفادت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية أن قائداً كبيراً في الحرس الثوري الإيراني قُتل في الاشتباكات في حلب وهو العميد كيومارس بورهاشمي من فيلق القدس، الفرع الخارجي للحرس الثوري الإيراني
ويأتي هذا التصعيد في سياق النزاع السوري المستمر منذ عام 2011، والذي أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص، وخلّف دماراً هائلاً في البنى التحتية، إضافة إلى نزوح وتشريد الملايين داخلياً وخارجياً.
في المقابل، قال مصدر دبلوماسي روسي لـ”الشرق الأوسط” إن التطورات الميدانية الأخيرة في سوريا تثبت ضرورة دفع مسار تطبيع في مناطق الشمال بين دمشق وأنقرة، وإيجاد تسوية مستقرة للوضع في مناطق الشمال السوري.
وتجنّب المصدر، الذي تحدثت إليه “الشرق الأوسط”، التعليق على سؤال حول سبب الصمت الروسي الرسمي حيال ما يجري، وعدم بروز تعليق على المستوى السياسي، لكنه قال إن الوضع الراهن يؤكد مجدداً صحة التوجهات الروسية بدعم عملية التقارب التركي مع الحكومة السورية، وأنه “لا يمكن الحديث عن استقرار وترتيبات في تلك المناطق من دون دفع مسار التطبيع”.
ورأى أن أهمية ذلك لا تقتصر على مواجهة الوضع الحالي ميدانياً، باعتبار أن كل ما يجري في المنطقة يؤثر بشكل مباشر على نحو 7 ملايين مواطن سوري، ما يعكس الحاجة المباشرة لتطوير مبادرات جديدة من جانب الحكومة السورية والاقتراب من الموقف الذي أعلن عنه في وقت سابق الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي أيّد بشكل واضح التقارب مع دمشق، وأعرب عن استعداد لدفع الجهود المبذولة في هذا الاتجاه.