

تحت عنوان “كلّ الطرق مقفلة بوجه ترامب” كتب جوني منير في صحيفة “الجمهورية”: “لم يعُد سرّاً أنّ نقاشاً صاخباً داخل الإدارة الأميركية، استبَق الضربة “الاستعراضية” التي طالت سوريا.
بات معلوماً أنّ الرئيس الأميركي دونالد رامب اضطرّ للتراجع عن خيار توجيه ضربة مؤلمة بعد القراءة الكاملة للوضع والانعكاسات المستقبلية، والتي أسهب في شرحها وزير الدفاع جيمس ماتيس مستنداً الى تقارير ورؤيا الجيش الاميركي.
وصحيح أنّ مستشار الأمن القومي جون بولتون، الذي كان قد تسلّم مهامَّه قبل ايام معدودة، سانَد خيار ترامب، إلّا أنّ الدوائر المعنية في الامن القومي الاميركي كانت تحمل تصوّراً مشابهاً لوزارة الدفاع الاميركية.
ربّما نقطة الالتقاء الوحيدة التي كانت تجمع بين مختلف الآراء، هي عدم الاحتكاك مع القوات الروسية أياً تكن الأسباب والظروف، إضافةً إلى السعي لتحجيم نفوذ إيران داخل سوريا. لكنّ وزارة الدفاع الاميركية رأت أنّ الشروع في تنفيذ ضربة واسعة ستكون أقصرَ طريق لتوسيع النفوذ الايراني والاصطدام ربّما بالقوات الروسية ومحاصرة وضربِ المصالح الاميركية لاحقاً.
الرئيس الأميركي ومعه مستشارُه للأمن القومي كانا يريدان الإمساك بورقة القوّة العسكرية لاستثمارها قريباً جداً في استحقاق الملف النووي الايراني، وفي المفاوضات التاريخية مع كوريا الشمالية.
في النهاية غلبَت الحسابات الباردة وأبلغت واشنطن موسكو بالمواقع التي سيَجري استهدافها قبل أن يبدأ تدمير مواقع أُفرِغت من العناصر مسبقاً.
البيت الابيض يرى بأنّ دمشق ومعها طهران تجاوَزا خطاً أحمر كان مرسوماً حول الغوطة الشرقية.
فعدا أن لا إمكانية لتهديد العاصمة دمشق بعد الآن، إلّا أنّ الأهمّ أنّ تنظيمات شَكّلت امتداد نفوذٍ لقوى إقليمية مِثل “جيش الإسلام”، زالت عن الخارطة السورية، ما يعني أنّها خرَجت أو تكاد، من المعادلة السياسية التي مِن المفترض أن تنتج بعد إقرار التسوية.
وفي الحسابات الاميركية الواقعية أنّ المجازفة بضربِ التركيبة العسكرية التي يَستند عليها النظام السوري ستُعطي نتائجَ سلبية. فعلى سبيل المثال فإنّ ضربَ الفرقةِ الرابعة والحرس الجمهوري وسلاح الجو سيؤدّي إلى فوضى عارمة في الداخل السوري، وإذا ما جرى استهداف القصرِ الجمهوري فهذا سيشكّل ضربةً معنوية، ما يضاعف من حالِ الفوضى. وفقَ هذا الوضع فإنّ طرفاً وحيداً سيكون قادراً على الإمساك بالساحة وإعادة ترتيبها وفق مصلحتِه، وهو الطرف الايراني، ما يعني ضِمناً سقوط سوريا بالكامل في قبضةِ ايران”.
الجمهورية